مملكة التسامح
والتعايش
بقلم: صلاح
الجودر
اليوم العالمي
للتسامح(16نوفمبر) صادف هذا العام يوم الأربعاء وقد كنت حريصاً على متابعة
الفعاليات المتعلقة بهذا اليوم العالمي، ولكن مع الأسف الشديد لم أشاهد فعالية
تذكر الناس بهذا اليوم العظيم، بل لم يلتفت إليه إحد رغم أهميته لتعزيز هذه القيمة
الإنسانية في هذا الوقت الذي ظهرت فيه جماعات الإرهاب وخلايا العنف وعصابات القتل
والدمار.
لقد أطقلت
الأمم المتحدة في العام 1996م يوماً عالمياً تدعو فيه الدول الأعضاء للأحتفاء بهذا
اليوم من خلال المؤسسات التعليمية والإعلامية وتكون الشريحة المستهدفة شرائح
المجتمع المختلفة وفي مقدمتهم الشباب والناشئة، فقد اعتمدت الأمم المتحدة هذا
اليوم من كل عام يوماً للتسامح والتعايش والسلام والتفاهم، ووضعت خطة عمل للدول
لتحقيق رؤية الأمم المتحدة.
عشرون عاماً
على اعتماد الأمم المتحدة هذا اليوم(16 نوفمبر) يوماً عالمياً لإشاعة التسامح
والتعايش والتعاون بين الشعوب والمجتمعات، ولكن المتأمل في أوضاع العالم اليوم يرى
عكس ذلك، فالإرهاب والعنف والإجرام هي السائدة، ولم تقتصر على دولة أو مجتمع،
ولكنه يضرب دول العالم من أقصاه إلى أدناه، وإن كان الشرق الأوسط يشهد أبشع الصور
منذ احتلال القوات الإمريكية العراق في عام 2003م إلا أن الإرهاب اليوم قد ضرب
جنوب وشمال أوروبا مثل فرنسا وألمانيا وعبر المحيط الأطلسي في اتجاه القارة
الأمريكية.
وقد يتساءل
الكثيرون وما علاقة التسامح بالإرهاب وكلاهما نقض الاخر، فالإرهاب قتل وعنف وتخريب
وتهجير، ويمكن مشاهدة ذلك في العراق وسوريا واليمن وليبيا، وهي مناطق ظهرت فيها
الجماعات الإرهابية مثل تنظيم الدولة والحشد الشعبي وحزب الله اللبناني وجماعة
الحوثي، وأصبح العالم بأسره يعاني من أعمالهم العنفية، أما التسامح فهو عفو وغفران
وتجاوز، وهو قيمة إنسانية تأتي لتغلق كل أبواب الجفاء بين الشعوب، ولتقيم النشئ
سواء في البيت أو المدرسة أو العمل، من هنا أطلقت الأمم المتحدة هذا اليوم ووضعت
له برامج لتحقيقه، وطالبت الدول الأعضاء بالدعوة إليه.
من المؤسف أن
تكون هذه المنطقة ذات القيم والمبادئ الإنسانية مسرحاً لأعمال الإرهاب والعنف، فمع
وجود كل مقومات المجتمعات الآمنة المستقرة إلا أنها تفتقد إلى قيمة التسامح
والتعايش، الأمر الذي أنتج حروباً وصراعات وكوارث تحتاج إلى سنوات لعلاجها وتجاوز
آلامها، فلا زال القتل والتهجير قائماً، فما أن يندمل جرح حتى يتفجر آخر!.
إن المجتمع الدولي اليوم في حاجة
للتأكيد على قيمة التسامح وعدم الإكتفاء بقرار أممي للتسامح وكأنها رفعت الحرج عن
نفسها، لابد من السعي للتأكيد على هذه القيمة الإنسانية، ومتابعة أعمال الدول في هذا
الجانب، فالدول الأعضاء مطالبة بالعمل على النهوض برفاه الإنسان وحريته وتقدمه في
كل مكان، وتشجيع التسامح والاحترام والحوار والتعاون فيما بين مختلف الثقافات والحضارات والشعوب.
والبحرين ليست بمعزل عن هذه القيمة
الإنسانية(التسامح) وليست ببعيدة عن قرارات الأمم المتحدة، بل هي تُؤثر وتتأثر بالمحيط
الإقليمي، خاصة ما تشهده المنطقة هذه الأيام من أعمال إرهاب وعنف، لذا سارعت
البحرين لتعزيز قيمة التسامح والتعايش وأظهرت الصورة الحقيقة للمجتمع البحريني
بمختلف أطيافه وتلاوينه، ففي البحرين نجد المسلمين وهم يتقبلون الأقليات الآخرى،
مسيحيين ويهود وبوذا وهندوس وبهائيين وغيرهم كثير، في صورة تسامحية جميلة، وقد كفل
الدستور وميثاق العمل الوطني حرية المعتقد، لذا نرى المسجد والمأتم والكنيسة
والمعبد في مكان واحد، يمارس كل منهم شعائره الدينية دون تضييق، فنشاهد الإحتفالات
بالمولد النبوي الشريف وعاشوراء وعيد الديوالي وأعياد الكرسمس وغيرها.
وقد جاء في خطاب جلالة الملك المفدى حمد
بن عيسى آل خليفة بمناسبة اليوم العالمي للتسامح أنه قال: (من
يجول في البحرين ويشاهد مكتسباتها الحضارية سيدرك حتماً أنها لم تُبنى إلا بقيم
أصيلة صارت سمة من سماتها المميزة، قامت بلادنا العزيزة على التسامح والانفتاح
والمحبة والتعايش، وهو ما جعلها واحة للسلام بين جميع الأديان والمذاهب والأعراق
نفتخر بها جيلاً بعد آخر).
صحيفة الأيام البحرينية
الأيام 10094 تاريخ 27/11/2016
0 تعليقات