يوم التسامح
العالمي
بقلم: صلاح
الجـــودر
مع الإحتفال
بيوم التسامح العالمي الذي يصادف يوم السادس عشر من نوفمبر جاءت البحرين لتشارك
دول العالم بهذا اليوم، فقد اعتمدت الأمم المتحدة في عام 1996م هذا اليوم يوماً
عالمياً للتسامح، تتشارك فيه دول العالم لتعزيز الأمن والإستقرار الدوليين، وما
أحوج العالم اليوم ليشيع هذه القيمة الإنسانية الراقية في ظل أجواء مشحونة بسموم
وأدواء القتل والعنف والإرهاب.
البشر
بإختلافاتهم خلقهم الله من أجل أعمار الأرض، وقد جاءت النصوص القرآنية والأحاديث
النبوية الشريفة لتؤكد على هذه القيمة، ولمن شاء فليتأمل في سيرة نبي الأمة وصحبه
وآل بيته ليرى تلك القيمة التي احترمت الناس وحفظت حقوقهم، وانظوى الناس تحت مفهوم
الدولة لينعم الجميع بالحياة الكريمة، وقد جاء التسامح ليكون باباً واسعاً للعلاقة
بين البشر، وهو ما يعني قبول الآخر مهما كان دينه أو مذهبه أو ثقافته، لذا أكدت منظمة
اليونسكو على هذا المبدأ في إعلان المبادئ حول التسامح الذي صدر في باريس عام
1995.
والبحرين عبر
تاريخها الطويل لتؤكد على هذا المبدأ الإنساني وقد توارث أبناءها هذه القيمة منذ
القدم، وكانت المخاطبات بين ملك أقليم البحرين المنذر بن ساوا التميمي ورسول الله
صلى الله عليه وسلم أكبر شاهد على هذه القيمة حين قال: بأن أرضي يعيشها عليها مجوس
ويهود وغيرهم، فحفظ رسول الله لهم حقوقهم تحت مبدأ التسامح والتعايش.
واليوم تشهد
البحرين في ظل جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة هذا السمو في العلاقات بين الناس
على أرض البحرين، مواطنين ومقيمين ووافدين، جميعهم متساوون تحت ظل القانون، من هنا
أطلق مركز عيسى الثقافي مؤتمراً للتسامح تحت عنوان (تاريخ التسامح الديني والمذهبي في البحرين) خلال
الفترة من 17-16 نوفمبر 2015م وهو اليوم الذي
يصادف اليوم العالمي للتسامح، ليتحاور أتباع الديانات حول التسامح والتعايش، وللتأكيد
على أنها سمة تاريخية يتحلى بها أبناء هذا الوطن، فمع الإحترام المتبادل بين أتباع
المذاهب الإسلامية إلا أن هناك احترام وتعاون وعمل مشترك مع أتباع الديانات والثقافات
الأخرى، لذا شارك الجميع في هذا المؤتمر للتأكيد على أن البحرين تسير على نفس
الخطى لتعزيز الأمن والإستقرار وتحصين المجتمع من الداخل من سموم وأدواء العنف
والإرهاب والطائفية.
لقد أكد المشاركون في المؤتمر على أن أبناء هذا
الوطن يرفضون كل الممارسات التي تسعى لتمزيق وحدتهم وشق صفهم، فقد وقف أبناء هذا
الوطن في الفواصل التاريخية الصعبة ضد كل المحاولات البائسة للتحريض على العنف وبث
الكراهية باسم الدين، والدين منها براء، فتاريخ البحرين تحديداً يشهد لها بأن
التسامح صفة أصيلة لأبنائها، لا ينازعها فيها أحد بالمنطقة، فهذه القيمة الإنسانية
متجذرة في الشعب البحريني وما ذلك إلا بسبب إلتقاء الحضارات على أرض البحرين.
والمتأمل في التاريخ يرى بأن البحرين شهدت هذه الصورة التسامحية مع نهايات القرن التاسع عشر الميلادي حين تم بناء دور العبادة لأتباع الديانات للتأكيد على احترام الآخر المختلف، وأقد أكد أبناء هذا الوطن على قيمة التسامح حين توافقوا جميعاً على ميثاق العمل الوطني الذي دشنه جلالة الملك المفدى في فبراير عام 2001م. من هنا تأتي أهمية إشاعة قيمة التسامح بين الشباب والناشئة لتحصينهم من السموم القادمة من بعض الدول المجاورة، وهذا ما أكده الجميع حين اجتمعوا في مركز عيسى الثقافي للتأكيد على أن البحرين هي بلد التسامح.
صحيفة الأيام البحرينية
الأيام 9730 تاريخ 29/11/2015
0 تعليقات