توصيات مؤتمر التسامح

 


توصيات مؤتمر التسامح

بقلم: صلاح الجــودر

إن من يعيش على أرض البحرين يرى تسامح أتباع الاديان والاقليات الدينية في البحرين، فهناك علاقة تاريخية تؤكد على هذه القيمة الإنسانية، فالمجتمع البحريني مجتمع متسامح منذ القدم، وهي المكاسب التي تحققت لإيمان الأجداد والآباء بأهمية التسامح، لذا المسئولية تقع على جيل اليوم في المحافظة عليها، فالبحرين بها أكثر ألف مسجد والف مأتم، وقرابة 35 كنيسة ومعبد هندوسي وآخر يهودي، وما هذا إلا دليل على التسامح والتعايش بين الناس.

فالمشاركون في مؤتمر التسامح هم أناس متسامحون في عقيدتهم وثقافتهم وفكرهم، ولكن الأجواء الخارجية مشحونة بسموم الطائفية لما تبثه القنوات الفضائية الموجهة ضد البحرين، وما تشهده المنطقة الإقليمية من تطرف وعنف وإرهاب، وللأمانة فإن التوتر ينشأ من اتباع الديانات وليس الديانات نفسها، لذا يجب أن يعي أتباع الديانات المعتدلين هذه الحقيقة ويتحملوا مسئولياتهم الدينية والتاريخية.

لقد شارك في المنتدى الشيخ خالد بن خليفة آل خلفية نائب رئيس مجلس أمناء مركز عيسى الثقافي والمدير التنفيذي، أنور عبدالرحمن رئيس تحرير صحيفة أخبار الخليج، عضو مجلس الشورى هالة رمزي فايز، الشيخ عبدالله المقابي، فقد كانت لهم كلمات في حفل الإفتتاح، وجاءت جلسات المؤتمر على النحو التالي: الجلسة الأولى(قيمة التسامح عند المجتمع البحريني) أدارها الدكتور منصور سرحان وشارك فيها الدكتور ناجي العربي وجعفر بن رجب والدكتور علي بوشهري، والجلسة الثانية(تاريخ التسامح والمجتمع المسيحي في البحرين) وأدارها الدكتور محمد الخزاعي، وشارك فيها القس هاني عزيز ونانسي خضوري عضو مجلس الشورى، والجلسة الثالثة(تاريخ التسامح ومجتمع البهرة والمجتمع البهائي في البحرين) وأدارها الدكتور عبدالله الدرازي وشارك فيها ممثل عن جالية البهرة ونير منصور ونهى كرمستجي، والجلسة الرابعة(تاريخ التسامح والمجتمع الهندوسي وتاريخ تسامح الأديان والأقليات) وأدارها الدكتور عبدالله يتيم وشارك فيها فيجاي كومار والشيخ صلاح الجودر.

لقد افتتح المؤتمر جلساته بالوقوف دقيقة حداداً على أرواح ضحايا الأعمال الإرهابية في العاصمة الفرنسية (باريس)، وأختتم المؤتمر جلساته بمجموعة من التوصيات ذات القيمة في سبيل تعزيز الأمن والإستقرار في هذا الوطن، فما تشهده المنطقة تدعو كل عاقل إلى الإحتكام إلى العقل والمنطق، وما مؤتمر التسامح إلا إحدى اللبنات الإنسانية في هذا الإتجاه.

يومان من الحوار المباشر بين أتباع الديانات والمذاهب والثقافات والأقليات والمهتمين بقيمة التسامح والتعايش على أرض البحرين كانت مثمرة ومشجعة للإستمرار في تعزيز التسامح ، مع ختام مؤتمر (تاريخ التسامح الديني والمذهبي في البحرين) الذي أقيم بمركز عيسى الثقافي خلال الفترة 16-17 نوفمبر2015م بمناسبة يوم التسامح العالمي خرج المنتدون بمجموع من التوصيات ذات العلاقة.

فقد جاء التأكيد على أن تاريخ البحرين يرسخ فكرة المجتمع المتعدد الطوائف والمذاهب، وبالتالي يكون العمل سوياً لتحقيق المكاسب، وقد جاء في التوصيات على أهمية مواصلة الاهتمام بعقد المزيد من المؤتمرات التسامحية لتكون ثقافة مجتمعية سائدة، والدعوة لتبني المشروعات المشتركة التي تعنى بنشر المطبوعات والوثائق والمخطوطات ذات الصلة بتأريخ مسيرة التعايش والتسامح الديني والمذهبي في البحرين، وتعزيز التعاملات الحضارية والأخلاقيات الإنسانية ومفاهيم الانتماء الوطني المبنية على قيم التسامح والتعايش والاحترام المتبادل والقبول بالآخر، وتوثيق أعمال المؤتمر عبر إصدار مجلد محكم يتضمن أوراق المشاركين، ليكون مرجعا علميا تاريخيا يعتمد عليه في صياغة الاستراتيجيات الوطنية العليا، وتسليط الضوء على أدوار القيادات التاريخية والشخصيات المؤثرة في شتى المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية والدينية والتي كان لها دور مهم في إذكاء روح الألفة والسلام بين أطياف المجتمع، والتعريف بهم، وتخليد ذكراهم ومناقبهم في مظاهر التعايش، ليكونوا قدوة لحاضر ومستقبل أبناء هذا الوطن. لقد أكد الجميع على أهمية إشراك الشباب والناشئة في المؤتمرات القادمة، وأن يكون هناك لقاءً سنوياً لدراسة التوصيات وما تم في شأنها، فإن العالم اليوم في أمس الحاجة لمؤتمرات التسامح والتعايش بين الناس، وما أجمل أن يختار مركز عيسى الثقافي مؤتمراً يعزز البعد التاريخي في ثقافة التسامح الديني والمذهبي في البحرين، كل الشكر والتقدير لمركز عيسى الثقافي وفي مقدمتهم الشيخ خالد بن خليفة آل خليفة.


صحيفة الأيام البحرينية

 الأيام 9726 تاريخ 22/11/2015

 


إرسال تعليق

0 تعليقات