يوم التسامح وجمال الاختلاف بين البشر

 


يوم التسامح وجمال الاختلاف بين البشر

 بقلم: صلاح الجودر


السادس عشر من نوفمبر هو اليوم الذي توافقت عليه الدول الأعضاء في الأمم المتحدة للاحتفال باليوم الدولي للتسامح، ففي العام 1996م أطلقت الأمم المتحدة مبادرتها الإنسانية للدول الأعضاء من أجل توعية وتثقيف المجتمعات بأهمية التسامح، وهي القيمة الإنسانية التي تضمن استمرار التعايش السلمي بين مكونات المجتمع رغم اختلاف الانتماءات العرقية والدينية والثقافية.

التسامح لا يعني التنازل عن المعتقد والممارسات الدينية أو بعض منه، ولكن يعني قبول الآخر واحترام شعائره وممارساته الدينية في نفس المساحة والمحيط، ولربما في ذات الوقت، ففي دولة القانون والمؤسسات والمساواة لا مكان لعبارات الأغلبية والأكثرية والأقدمية، فالجميع تحت سقف الدولة مواطنون متساوون الحقوق والواجبات، فيحترم الصغير والكبير، والمرأة والرجل، وتبنى العلاقات المجتمعية على سمات إنسانية راقية، رائدها التسامح والتعايش السلمي، وقد جاء في إعلان المبادئ الذي اعتمدته اليونسكو عام 1995م بأن (التسامح يعني الاحترام والقبول والتقدير للتنوع الثري لثقافات عالمنا ولأشكال التعبير وللصفات الإنسانية لدينا).

والبحرين اليوم أصبحت رائدة في مجال التسامح والتعايش السلمي، وانموذج عالمي في احترام الكرامة الإنسانية وفي مقدمتها الحرية الدينية، وترى صور التسامح جلية في الكثير من مفاصل المجتمع البحريني، ولعل العاصمة (المنامة) أكبر شاهد على مستوى التسامح والتعايش السلمي، حيث يتواجد أتباع الديانات في محيط بضع كيلومترات، فلا يمكن التفريق بين الناس بحسب عقائدهم وأعراقهم وثقافاتهم، فجميعهم على هيئة رجل واحد، يتكلم العربية والإنجليزية والهندية ولربما غيرها، في قبول وتسليم ورضا لهذه الثقافة الجميلة.

لقد حققت البحرين تلك المكانة الرفيعة في مفهوم التسامح من خلال الرؤية الملكي السامية التي أرسى دعائمها جلالة الملك المفدى حمد بن عيسى آل خليفة، الراعي الأول على أرض البحرين للتسامح والتعايش والمحبة والسلام حتى نالت البحرين الاشادات الدولية المتميزة، والرؤية الملكية السديدة هي حائط الصد في وجه دعوات التطرف والتشدد والعنف والإرهاب التي ضربت المنطقة العربية مطلع العام 2011م، وقد تجلت عبارات التسامح في مقالة جلالة الملك المفدى والتي نشرتها صحيفة واشنطون بوست الأمريكية في السابع عشر من أكتوبر في العام 2017م، وقد تحدث جلالته في مقالته التاريخية عن التنوع الديني الذي تتمتع به البحرين، وقد قال: (إن من المهم أن يتعرف العالم كما تعرفت البحرين على جمال هذه الاختلافات بين البشر)، وهذه هي الحقيقة التي يجب أن يعيها البشر المؤتمنين على خلافة الأرض، لقوله تعالى (ويجعلكم خلفاء الأرض) (النمل: 62)!.

لذلك يحتفل العالم في السادس عشر من نوفمبر باليوم الدولي للتسامح، وإنعاش أهميته لدى الشعوب والمجتمعات، وما تم تحقيقه على المستوى العالمي خلال الأربع والعشرين السنة الماضية، لذا تحيي المراكز التسامحية في البحرين تلك الذكرى بدعوة وتكريم رواد التسامح في البحرين، تقديرًا وعرفانًا لإنجازاتهم الباهرة في هذا المجال، وسرد المكاسب التي تحققت في هذا المجال والتي بلا شك لها علاقة مباشرة بمنظمات حقوق الإنسان التي تراقب الأداء البشري لتعزيز السلم العالمي.

اليوم الدولي للتسامح هو اليوم الذي يحتفل فيه بالحرية الدينية، والبحرين في مقدمة الدول التي يتمتع فيها الجميع بحريتهم الدينية وفق القوانين والأنظمة المعمول بها، فمن الأهمية التركيز على احترام حقوق الآخرين ومعتقداتهم، ومعرفة الأسباب التي تدفع بعض المجتمعات إلى التطرف والتشدد والعنف والكراهية، ومن ثم معالجتها والتصدي لها إن استدعى الأمر.

البحرين استوعبت أهمية تعزيز التسامح بالمجتمع منذ زمن بعيد، وذلك للتنوع البشري الذي يعيش على أرض البحرين، لذا الجميع يعمل على تعزيز التسامح، سواء بالبيت أو المدرسة أو العمل، فالتسامح هي القوة التي يملكها أبناء هذا الوطن، وهي المفتاح التي يدخلون بها قلوب البشر، ويكفي الإشارة في المحافل إلى أن هذا (بحريني) لمعرفة كل الصفات الحميدة والأخلاق الرفيعة التي يتمتع بها وفي مقدمتها التسامح.

صحيفة الأيام البحرينية

الأيام عدد 11546 تاريخ 17 نوفمبر 2020

إرسال تعليق

0 تعليقات