التسامح بأيدي مخلصة
بقلم: صلاح الجودر
من الأهمية بمكان في فترات الحروب والصراعات الحديث عن التسامح بين البشر
من أجل أغلاق نوافذ الفتنة، فلا يقف الأمر عند المناسبات الأممية التي تحتفل بها
الشعوب سنوياً، وكأن الأمر مقتصر على تاريخ أو يوم محدد، لابد من الحديث وباستمرار
عن تلك القيمة الإنسانية، وفوائدها، وقد يعترض دعاة الفتنة والخراب والدمار حين
يرون التقارب بين البشر، ولكن في المقابل هناك دعاة للسلام الذين يتحملون
المسئولية الإنسانية للحفاظ على الجنس البشري.
وكلمة التسامح لم تذكر في القرآن الكريم أو السنة النبوية المطهرة بصيغتها
(التسامح)، ولكنها جاءت بصيغ وألفاظ متعددة للتأكيد على التسامح بين الناس، ومنها
العفو والصفح والمغفرة وتجاوز الزلات، لذا يجب التذكير بهذه الكلمات في الأسرة والمدرسة
والمجتمع، فهي مفردات مفقودة اليوم لدى بعض المجتمعات، وبدرجات متفاوتة، وذلك حين
اقتطفها بعض الساسة والمؤدلجين للترويج لأجنداتهم وبرامجهم التدميرية، ولتحقيــق مــآرب غيــر ذات صلــة بالتسامح والتعايــش.
أمام ذلك كله هل
من سبيل لاستعادة قيم التسامح والتعايش لتتوطن في مجتمعاتنا، ويترعرع الشباب
والناشئة عليها، فيتشبعون بالحب والإخاء، والولاء والانتماء، فيجب على عقلاء الأمة
العمل على نشر ثقافة التسامح والتعايش في المحاضن التربوية أولاً، والدعوة
للأخلاقيات السامية التي تؤدي في النهاية إلى الاعتراف بالتعددية والتنوع
والاختلاف، واحترام الآخر.
لقد جاء ديننا
الحنيف للتأكيد على القيم والمبادئ السامية، وهي الأخلاق التي قال عنها رسول
الإسلام: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخرق)، وتعزيز التسامح الديني والتعايش السلمي،
وهو الأمر الذي دفع الكثير من المنظمات الأممية لتعزيز تلك القيم، فتم من خلالها
وضع مسافة واحدة بين البشر، رغم تباين أديانهم وثقافاتهم ومذاهبهم وأعراقهم، وأصبحت
المواطنة هي الأساس في ذلك، وإن كان في الفترة الأخيرة هناك فروق في التعاطي من
المظلومين.
مجتمعنا ليس ببعيد
عن تلك، فنرى التنوع البشري والديني في جميع الساحات، وذلك من خلال نشر التسامح وبـذور
التعايـش والمحبـة والسـلام، وهناك الكثير من التجارب والمبادرات التي تعمل في ذات
الاتجاه، وهي تسير وفق رؤية وفلسفة جلالة الملك المعظم.
ما يحتاجه الفرد
اليوم في ظل العولمة البشعة التي هبت على البشرية هي نسائم التسامح والتعايش،
فالشعوب لا يمكنها العيش في أجواء من التوتر والعصبية، وهو الأمر الذي يدفع الكثير
من المؤسسات التي تحمل لواء الحوار والتعايش والتسامح لتقديم مبادرات إيجابية، وقد
خففت تلك المبادرات من حالة التوتر، وعالجت الكثير من الملفات، وهي مساعي حميدة
تقوم بها بعض المؤسسات.
والبحرين مع
المشروع الإصلاحي دشن جلالته مؤسسات، وقدم مبادرات، جميعها تسير في ذات الاتجاه،
وهو الأمر الذي وضع البحرين في مقدمة الدول في التعايش والتسامح.
صحيفة الأيام البحرينية
0 تعليقات