حياة الماعز

 

حياة الماعز

الكاتب صلاح الجودر

والفيلم‭ ‬الهندي‭ (‬حياة‭ ‬الماعز‭) ‬يصور‭ ‬حياة‭ ‬أحد‭ ‬العمال‭ ‬الهنود‭ ‬القادمين‭ ‬إلى‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ (‬السعودية‭) ‬في‭ ‬العام‭ ‬1993،‭ ‬تقريباً‭ ‬قبل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬30‭ ‬عاماً،‭ ‬والذي‭ ‬يجد‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬رعاية‭ ‬الماعز‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬باع‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يملك‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الهجرة‭ ‬والعمل‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬لتأمين‭ ‬حياة‭ ‬كريمة‭ ‬لأسرته،‭ ‬ولكن‭ ‬القدر‭ ‬يدفعه‭ ‬إلى‭ ‬رجل‭ ‬مسن‭ ‬يعتقد‭ ‬بأنه‭ ‬كفيله‭ ‬السعودي،‭ ‬والذي‭ ‬بدوره‭ ‬يأخذه‭ ‬إلى‭ ‬منطقة‭ ‬نائية‭ ‬وبعيدة‭ ‬عن‭ ‬المدينة‭ ‬لرعاية‭ ‬الأغنام‭ ‬والماعز،‭ ‬لتتوالى‭ ‬قصة‭ ‬الفيلم‭ ‬بتصوير‭ ‬دراماتيكية‭ ‬بشاعة‭ ‬في‭ ‬المعاملة‭ ‬من‭ ‬السيد‭ ‬تجاه‭ ‬خادمة،‭ ‬الذي‭ ‬أستطاع‭ ‬الهروب‭ ‬إلى‭ ‬بلاده‭ ‬في‭ ‬رحلة‭ ‬شبيه‭ ‬بالمغامرة‭.‬

فيلم‭ ‬حياة‭ ‬الماعز‭ ‬الذي‭ ‬حقق‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬20‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬أمريكي‭ ‬حتى‭ ‬الان‭ ‬قد‭ ‬تم‭ ‬تدشينه‭ ‬في‭ ‬مارس‭ ‬العام‭ ‬2024‭ ‬من‭ ‬على‭ ‬منصة‭ ‬نتفلكس،‭ ‬وهو‭ ‬من‭ ‬انتاج‭ ‬مشترك‭ ‬بين‭ ‬الهند‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬والرواية‭ ‬بقلم‭ ‬بنيامين‭ (‬الاسم‭ ‬بيني‭ ‬دانييل،‭ ‬ولد‭ ‬في‭ ‬18‭ ‬مايو‭ ‬1971،‭ ‬والمعروف‭ ‬باسمه‭ ‬المستعار‭ ‬بنيامين،‭ ‬وهو‭ ‬كاتب‭ ‬هندي‭ ‬من‭ ‬ولاية‭ ‬كيرلا،‭ ‬ومؤلف‭ ‬لحوالي‭ ‬ثلاثين‭ ‬كتابًا‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬الأنواع،‭ ‬فاز‭ ‬عن‭ ‬روايته‭ ‬اأيام‭ ‬الماعزب‭ ‬بجائزة‭ ‬أبوظبي‭ ‬ساكثي،‭ ‬وجائزة‭ ‬أكاديمية‭ ‬كيرلا‭ ‬ساهيتيا،‭ ‬وجائزة‭ ‬JCB،‭ ‬وعاش‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬1992‭ ‬إلى‭ ‬عام‭ ‬2013‭)‬،‭ ‬وقد‭ ‬اصدر‭ ‬رواية‭ ‬حياة‭ ‬الماعز‭ ‬في‭ ‬كتاب‭ ‬من‭ ‬200‭ ‬صفحة‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2004،‭ ‬ولكن‭ ‬لظروف‭ ‬التمويل‭ ‬وجائحة‭ ‬كورونا‭ ‬تم‭ ‬تأخير‭ ‬انتاج‭ ‬الفيلم‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬قام‭ ‬بليسى‭ ‬بتكييف‭ ‬الرواية‭ ‬لتكون‭ ‬مادة‭ ‬سينمائية،‭ ‬وقد‭ ‬أحدث‭ ‬الفيلم‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يحدثه‭ ‬الكتاب‭ ‬المطبوع،‭ ‬وقد‭ ‬استمر‭ ‬تصوير‭ ‬الفيلم‭ ‬بين‭ ‬مارس‭ ‬2018‭ ‬إلى‭ ‬يوليو‭ ‬2022‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬مختلفة،‭ ‬وادي‭ ‬رم‭ ‬بالأردن،‭ ‬وصحراء‭ ‬الجزائر‭ ‬وولاية‭ ‬كيرلا‭ ‬الهندية‭.‬

والقصة‭ ‬مع‭ ‬أنها‭ ‬فردية‭ ‬ويمكن‭ ‬أن‭ ‬تقع‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مكان‭ ‬من‭ ‬العالم‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الهدف‭ ‬كان‭ ‬السعودية،‭ ‬وقد‭ ‬مضى‭ ‬عليها‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ثلاثين‭ ‬عاماً،‭ ‬وهي‭ ‬سنوات‭ ‬كفيلة‭ ‬بتطوير‭ ‬القوانين‭ ‬والأنظمة،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الفيلم‭ ‬محاولة‭ ‬لتصويره‭ ‬بأنه‭ ‬انتهاك‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬وهذا‭ ‬مجاف‭ ‬للحقيقة،‭ ‬فجميع‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬وبما‭ ‬فيهم‭ ‬السعودية‭ ‬تراعي‭ ‬الجوانب‭ ‬الإنسانية،‭ ‬فقد‭ ‬تم‭ ‬إنشاء‭ ‬المحاكم‭ ‬العمالية،‭ ‬وسن‭ ‬القوانين‭ ‬التي‭ ‬تكفل‭ ‬لهم‭ ‬حقوقهم،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربية‭ ‬ذات‭ ‬قيم‭ ‬ومبادئ‭ ‬عالية،‭ ‬وليس‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬عدد‭ ‬العمال‭ ‬الهنود‭ ‬بدول‭ ‬الخليج،‭ ‬والتي‭ ‬بلغ‭ ‬البعض‭ ‬منهم‭ ‬أن‭ ‬أصبحوا‭ ‬رجال‭ ‬أعمال‭ ‬ومن‭ ‬أصحاب‭ ‬الملايين‭.‬

حالة‭ ‬الغضب‭ ‬العربية‭ ‬العقلانية‭ ‬التي‭ ‬رافقت‭ ‬فيلم‭ ‬حياة‭ ‬الماعز‭ ‬لا‭ ‬تعادلها‭ ‬حالة،‭ ‬فلو‭ ‬كان‭ ‬الفيلم‭ ‬بالعكس،‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬الفيلم‭ ‬عربياً‭ ‬وفيه‭ ‬إساءة‭ ‬لإحدى‭ ‬الدول‭ ‬فهل‭ ‬سيكون‭ ‬غضبها‭ ‬عقلانياً‭ ‬وهادئاً،‭ ‬وهو‭ ‬تساؤل‭ ‬مشروع؟‭!‬،‭ ‬فهذه‭ ‬الفيلم‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬قصة‭ ‬كتاب‭ ‬وتم‭ ‬عمل‭ ‬السيناريو‭ ‬السينمائي‭ ‬ليتوافق‭ ‬مع‭ ‬رؤية‭ ‬المنتج‭ ‬والمخرج،‭ ‬وكذلك‭ ‬هي‭ ‬رواية‭ ‬مضى‭ ‬عليها‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ثلاثين‭ ‬عاماً،‭ ‬والجميع‭ ‬يشهد‭ ‬التطور‭ ‬الكبير‭ ‬الذي‭ ‬تشهده‭ ‬السعودية‭ ‬ودول‭ ‬الخليج،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬جانب‭ ‬حقوق‭ ‬العمال‭ ‬والإنسان‭.‬


صحيفة الأيام البحرينية

 العدد 12928 الجمعة 30 أغسطس 2024

إرسال تعليق

0 تعليقات