الكاتب سمير عطاالله مع الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة
البحرين مدرسة الخليج
في عيون الكاتب سمير عطا الله
ومن الكتاب البارزين الذين كتبوا عن البحرين قبل أكثر من خمسين سنة الكاتب اللبناني سمير عطا الله، الذي بدأ العمل بالصحافة من خلال جريدة النهار، ولديه عمود يومي بصحيفة الشرق الأوسط منذ العام 1987، وأمضى أكثر من خمسين سنة متنقلاً بين باريس ولندن وأمريكا الشمالية، وله مجموعة من المؤلفات في الرواية والتاريخ والسفر ومنها، قافلة الحبر، وجنرالات الشرق، ويمنى، وليلة رأس السنة في جزيرة دوس سانتوس.
لقد كانت للكاتب سمير عطا الله زيارات كثيرة إلى البحرين، وشاهدها التطور والتقدم في فترة كانت الكثير من الدول العربية نائمة عن التقدم والتطور، وأول تلك الزيارات كانت في أواسط الستينيات من القرن الماضي، وهي فترة الانتداب البريطاني، لذا وصف البحرين حينها وصفاً دقيقًا وقد نشر الموضوع بكتابه الموسوم (مقالات الأربعاء) تحت عنوان (بطاقة بريدية من البحرين)، لقد ذكر بأن أول من زار البحرين في القرن الثامن عشر الدنماركي (كارتين نيبور) الذي تحدث عن أبرز معالم البحرين وهي العيون العذبة التي تخرج من أعماق البحر، واستشهد بعين عذاري، وهي العين التي أصبحت مثلاً تتناقله الأجيال (عين عذاري تسقي البعيد وتخلي القريب).
ثم توقف عند تجربة الرحالة والأديب اللبناني أمين الريحاني الذي زار البحرين في العام 1922، وهو صاحب كتاب (ملوك العرب)، والذي قال عنه بأنه يسافر في زمن السفن البخارية من أمريكا إلى المنامة ثم ينطلق صوب نجد، حاملاً معه ومبشّرًا بالوحدة العربية، وله مع الشيخ عيسى بن علي آل خليفة حاكم البحرين حينها حكايات سردها في كتابه.
الكاتب سمير عطا الله حين زار البحرين أواسط الستينيات رأى العاصمة المنامة بفنادقها العتيقة وأسواقها في وسط المدينة، ودخل في شوارعها وأزقتها الضيقة، وشاهد محال الخياطة وأصحابها الهنود، وواجهات الذهب والجواهر، وعرج كذلك على قصر الشرطة الأبيض، وقد وصف السوق القديم بأنه كالمتحف الهادئ، ولم تقف رحلته بالمنامة بل إنه أخذ طريقه إلى مطار المحرق، واصفاً الترحيب الجميل من رجال الشرطة عند بوابة المطار (باسمون بقبعات ذات ريش من السند)، وأن حجم مبنى مطار البحرين هو بنفس حجم مركز شرطة المنامة.
لقد جاءت رحلة الكاتب سمير عطا الله إلى البحرين بصفته صحافيًا مرافقًا لوفدٍ من جامعة الدول العربية يقوم بزيارة دول الخليج العربية حينها، لذا كانت زيارتهم إلى الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة حاكم البحرين السابق، الذي استقبلهم بالحفاوة العربية والترحاب، وجلس معهم على مائدة الغداء بكل تواضع، ويتحاور معهم في الأمور الحياتية كما يتحاور معهم في الشئون السياسية، ويصف الكاتب عطا الله قصر الشيخ عيسى بأشكاله المعمارية والهندسية الجميلة، وما يحتويه من حدائق وأشجار.
لقد تحدث الكاتب عطا الله عن البحرين كثيرًا، عن مساحتها وعدد سكانها، ومستقبلها وتطلعات شعبها العروبي، وكانت له زيارة أخرى للبحرين قبيل تدشين المشروع الإصلاحي لجلالة الملك المعظم في العام 2001، وقد تحدث عن التحول من الإمارة إلى المملكة الدستورية، والتوافق الشعبي الكبير لتعزيز الأمن والاستقرار، ثم البناء والتنمية.
آخر زيارات الكاتب عطا الله للبحرين (حسب علمي) أنها في شهر مايو الماضي (2024) مع انعقاد القمة العربية بالمنامة، فالبحرين ترأست تلك القمة في أحلك الظروف التي تشهدها المنطقة العربية بعد أحداث السابع من أكتوبر 2023، وقد استطاعت البحرين من احتواء كل الدول العربية، ودفعت الدول العربية للجلوس والتحاور حول مستقبل المنطقة العربية.
أجمل ما ذكره الكاتب سمير عطا الله عن البحرين بأنه وصفها بـ(مدرسة الخليج)، وذلك حين تحدث عن صغر مساحتها، وقلة سكانها، وضعف مواردها، إلا أنها تمتلك الإنسان البحريني الذي أستطاع من نشر العلم والمعرفة على مستوى دول الخليج العربية، ويكفينا هذا الشرف وتلك المكانة.
بقلم صلاح الجودر
صحيفة الأيام البحرينية
العدد 12913 الخميس 15 أغسطس 2024
0 تعليقات