الشيخ عبدالله المقابي، وسفير فلسطين بالبحرين طه عبدالقادر، والقس رويس جورج والسيدة طاهرة جابري
بمجلس الدوي بالمحرق 2018
التسامح هو مغفرة
الذنب، والتجاوز عن السيئة، والصفح عند المقدرة، والإسلام هو دين التسامح والسلام
حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم في التسامح (بعثت بالحنفية السمحة)، وليس ذلك أن
التسامح يعني التنازل أو التساهل أو الانهزام أو الخضوع، بل التقدير والاحترام
المتبادل والاعتراف بحقوق الآخرين من أجل تحقيق العيش السلمي المشترك بين الناس، قال
صلى الله عليه وسلم: (الدين هو المعاملة)، فالمنظومة الأخلاقية والسلوكية التي
شرعها الدين الإسلامي مثل الرفق والإيثار والعفو والإحسان والقول الحسن والألفة
والأمانة هي سمة أخلاق المسلم وهي منظوية جميعها تحت لواء التسامح، فإذا كانت عدد
آيات القرآن الكريم ٦٢٣٦ آية، منها آيات العبادات
لا تزيد عن ١٣٠ آية، فإن آيات الأخلاق ١٥٠٤ آية.
والتسامح من زاوية
أخرى هو نقيض الغلظة والشدة والعنف والانتقام والثأر، وعدم التسامح ليس دليلا على ضعف
الشخص وانهزامه، فالتسامح في هدفه الأسمى والاستراتيجي يقود للتعايش والاستقرار المجتمعي،
ويعزز أواصر العلاقات وأسباب التعاون بين شرائح المجتمع.
التسامح زمن الفتن
(لَئِن بَسَطتَ
إِلَيَ يَدَكَ لِتَقتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِي إِلَيكَ لأَقتُلَكَ إِنِي
أَخَافُ اللَهَ رَبَ العَالَمِينَ) [المائدة:28]، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
(إنها ستكون فتنة القاعد فيها خير من القائم، والقائم خير من الماشي، والماشي خير
من الساعي، قال: أفرأيت إن دخل علي بيتي فبسط يده إلي ليقتلني؟ فقال كن كابن آدم) [رواه
الترمذي]، وهناك حديث أبي ذر عند مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (يا
أبا ذر أرأيت إن قتل الناس بعضهم بعضاً كيف تصنع؟)، قلت الله ورسوله أعلم، قال: (اقعد
في بيتك وأغلق عليك بابك)، بعد هذه المقدمة فإن للمصلحين ومحبي السلام دور في
تعزيز هذه القيمة الإنسانية القائمة على التسامح والتعايش السلمي:
أولاً على مستوى
الأمة: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ
بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ}،
وقوله تعالى: (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا
بَيْنَهُمَا) [الحجرات: 9]، وقد ثبت في صحيح البخاري إن رسول الله صلى الله عليه
وسلم خطب يوماً ومعه على المنبر الحسن بن علي رضي الله عنهما فجعل ينظر إليه مرة
وإلى الناس مرة أخرى ويقول: (إن ابني هذا سيد ولعل الله تعالى أن يصلح به بين
فئتين عظيمتين من المسلمين).
ثانياً على مستوى
الفرد: فقد جاء في الصحيح عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أنصر أخاك
ظالماً أو مظلوماً)، قلت يا رسول الله هذا نصرته مظلوماً فكيف أنصره ظالماً؟ قال: (تمنعه
من الظلم فذاك نصرك إياه).
0 تعليقات