بقلم: صلاح الجودر
المشروع الذي أقره مجلس أمناء مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي من تخصيص وسام للتعايش السلمي يحمل اسم جلالة الملك جاء ليتوج جهود البحرين في هذا الجانب الإنساني لإحلال السلام بين جميع البشر، لذا يعتبر الأول والفريد على مستوى العالم، فهناك أوسمة وشهادات وجوائز على كل المستويات، ولكن على مستوى تعزيز التعايش تكون البحرين من أوائل الدول الراعية للتعايش السلمي والتسامح الديني وقبول الثقافات.
لقد جاء إطلاق وسام الملك حمد للتعايش السلمي بإجماع أعضاء مجلس الأمناء، وذلك تيمنًا بإسهامات جلالة الملك المفدى في هذا الجانب الإنساني الذي يشهد له العام، وهو وسام يقدم الشخصيات البارزة والمنظمات العالمية الداعمة للقيم الإنسانية وأبرزها التعايش السلمي، وهو وسام استثنائي ذو مكانة رفيعة.
فالبحرين أرض الحضارات الإنسانية المتعاقبة تميزت بهذه الروح السمحة والأخلاق الرفيعة، ففي الوقت الذي يشهد فيه العالم دعوات الصدام والتطرف والإرهاب ترى صور التعايش في أركان المجتمع البحريني، وهي صور حقيقية وليست مفتعلة أو مقتبسة، فالبحرين منذ مئات السنين وهي موئل أتباع الأديان والمذاهب والثقافات، فتم بناء دور العبادة الخاصة بهم مثل الكنائس والمعابد بجوار المساجد والجوامع والمآتم، وتقام شعائرهم الدينية تحت رعاية الدولة وقوانينها وأنظمتها، مثل عيد الفطر والأضحى والمولد النبوي وعاشوراء والديوالي والهولي والكريسمس والغفران والحانوكا وغيرها.
بلا شك أن وسام الملك حمد العالمي للتعايش السلمي سيضيف بعدًا إنسانيًا لأشخاص والمؤسسات التي ستنال شرف حمله، وسيؤكد هذا الوسام على صوابية المنهج الذي اختطه جلالة الملك المفدى حين قدم مشروعه الإصلاحي في العام 2001، الأمر الذي سيزيد من الوعي الإنساني لاحترام حقوق الإنسان وحرية الأديان، وتقبل الآخر المختلف، كل ذلك لتعزيز فرص السلام والمحبة بين أبناء المجتمع الواحد، وكذلك بين شعوب العالم.
مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي الذي تم تدشينه في مارس 2018 قد حقق الكثير من الإنجازات تحت مظلة التعايش السلمي، وأصبح الجهة التي تعمل تحت مظلته الديانات والمذاهب والثقافات، وما ذلك إلا للإنجازات التي تحققت خلال الفترة الماضية، ومنها إعلان مملكة البحرين القائم على خمسة مبادئ، مبدأ المعتقد والتعبير الديني، ومبدأ حرية الاختيار ويقصد بها حرية كل فرد في ممارسة دينه بشرط ألا يؤذي الآخرين وأن يحترم قوانين الأرض، ومبدأ تحديد الرب وقصد منها أن لكل فرد الحق في اختيار ربه، ومبدأ الحقوق والواجبات الدينية، حيث أكد هذا المبدأ على ضرورة ضمان حقوق الأقليات في التجمع والعبادة والتعليم والاحتفال وممارسة متطلبات دينهم، ومبدأ الأمل والإيمان وأشار إلى ضرورة تعليم الأطفال اللطف والرحمة والأعمال التي توحدنا لا تفرقنا، وقد جاء في نص الإعلان: «الجهل عدو السلام، لذلك فإنه من واجبنا أن نتعلم ونشارك ونحيا معًا من خلال إيماننا بعقيدة تجمعنا بروح الاحترام المتبادل والحب».
وعلى أثر هذا الإعلان الحضاري تحققت الكثير من المكاسب، ومنها برنامج الملك حمد للإيمان في القيادة مع جامعتي أكسفورد وكامبريدج العريقتين، وبرامج ودورات كرسي الملك حمد للحوار بين الأديان والتعايش السلمي في جامعة سابينزا الإيطالية، وتدشين أكاديمية الملك حمد للسلام السيبراني، حتى تحققت رؤية جلالة الملك المفدى خلال الزيارة الرسمية التي قام بها مركز الملك حمد للتعايش السلمي لجمهورية البرازيل الاتحادية ديسمبر 2020، وما حققته تلك الزيارة من اصداء ناجحة في العالم الجديد (أمريكا اللاتينية)!
وسام الملك حمد للتعايش السلمي بلا شك سيسهم في نشر رسالة السلام والمحبة التي يؤمن بها المجتمع البحريني إلى العالم، خاصة أنها ستستهدف شخصيات وفعاليات ومنظمات قد ساهمت في تعزيز القيم الإنسانية النبيلة، لذا يعتبر الوسام مبادرة رائدة تعكس رؤية وفلسفة جلالة الملك المفدى الداعي للسلام والتعايش والتسامح.
إن أجمل الأيام هي التي يعيش فيها الإنسان في وطنه معززًا مكرمًا له كامل حقوقه السياسية والمدنية والدينية، وهذا ما نجده في البحرين منذ مئات السنين، ولربما هذا هو سر قوة المجتمع البحريني الذي يرحب بكل القادمين للسياحة والتعليم والعلاج وغيرها، لذا يتمتع الفرد حين يزور البحرين ويرى ذلك التنوع الجميع في المنامة والمحرق وغيرها من المناطق، وهو الترمومتر الذي يقاس به تعايش الناس في أمن واستقرار، من هنا فإن وسام الملك حمد للتعايش السلمي هو مسار آخر وجديد لتحقيق رؤية جلالة الملك المفدى وفلسفته.
المصدر: صحيفة الأيام العدد 11792 الأربعاء 21 يوليو 2021
0 تعليقات