ثقافة التسامح و
بقلم: صلاح الجـــودر
لقد
كانت لنا فرصة المشاركة في أعمال منتدى (تحديات الثقافة القانونية في الوطن العربي)
والذي أقيم بالقاهرة تحت رعاية جامعة الدول العربية، وهو المنتدى الذي نظمه المركز
العربي للوعي بالقانون على مدى ثلاثة أيام، وذلك لمناقشة قضايا الإرهاب والشائعات وتزييف الوعي والتشكيك في
الثوابت، وقد شارك بالمنتدى أكثر من مائة مشارك من خبراء
وباحثين ومختصين وغيرهم.
وقد تناولنا في المنتدى محور الإرهاب وكيف أن المجتمع
البحريني استطاع مواجهة ذلك الداء وتجفيف منابعه، ومن ثم تعزيز أمن واستقرار
المجتمع من خلال مبادرات حضارية يشهد لها الجميع، فقد تناولنا في ورقتنا المقدمة
مجموعة من القضايا:
الثقافة
القانونية.. المسئولية والأبعاد
فأولى خطوات الإصلاح
مرتبطة وبشكل كبير بالإصلاح القانوني، فقيام المجتمع بواجباته ومسئولياته منبثقة
من وعيه وإدراكه لبناء دولته ومجتمعه، من هنا جاء الاهتمام المبكر للثقافة
القانونية لبناء الفرد والأسرة والمجتمع!، فأهم مقاصد الثقافة القانونية هو معرفة
الأفراد لحقوقهم وواجباتهم، فتبنى العلاقة بين الفرد ومؤسسات الدولة والمنظومة
المجتمعية من خلال تلك الثقافة، ولا شك فإن غياب تلك الثقافة والجهل بالقوانين
والاتفاقيات والمعاهدات الدولية كان هو السبب الرئيس في زعزعة الدول وإشاعة الفوضى
بالمنطقة.
إن غياب الثقافة
والجهل بالقوانين لا يختص بها الإنسان العادي، ولكنه يمتد إلى مواقع أخرى في
المجالس التشريعية والمنظمات الحقوقية وغيرها من مؤسسات الدولة، وإذا كان جهل
الفرد العادي لا يحميه استناداً للمبدأ القانوني (لا يعذر أحد بجله بالقوانين) فإن
الجهل القانوني يضع المجتمع بأسره في مواجهة القانون الدولي نتيجة الجهل وعدم
الوعي بالمسئوليات.
لا شك أن مؤسسات
المجتمع المدني تتحمل مسئولية تثقيف الأفراد بالحقوق والواجبات بما كفله لهم
الدستور والقانون، فمفهوم الثقافة القانونية قائم على المعلومات
والبيانات والإجراءات والقواعد التي يعتمد عليها في تطبيق القانون، لذا فإن من
الأهمية معرفة ذلك بما يساهم في إيجاد بيئة آمنة مستقرة خالية من العنف والجرائم
والإرهاب.
الإرهاب
المحرك الرئيسي للفوضى بالمنطقة
فلا يخفى على أحد ما تعرضت له البحرين من أعمال إرهابية وإجرامية خلال
السنوات الماضية، فمنذ العام 2011م وقوى الإرهاب تتدخل في شئون مملكة البحرين،
سواءً بفتح المعسكرات وتدريب الإرهابيين على أراضيها، وتمويلهم، وتوجيه القنوات
الطائفية للنيل من مكتسباتها ومنجزاتها الحضارية، ومحاولة سلب إرادة شعبها العروبي
وتطويعه للمشروع التدميري، فقوى الإرهاب وأذرعها بالمنطقة لا تزال متمسكة بمشروعها
التدميري للأمة العربية لتغير هويتها.
لقد عملت البحرين منذ ظهور رؤوس الفتنة والإرهاب في مياه الخليج العربي على
سن القوانين والتشريعات للتصدي لآفة العصر (الإرهاب)، وتم التصدي للجماعات
الإرهابية وتجفيف منابعهم المالية ومنابرهم الطائفية، ولا تزال البحرين - حكومة
وشعباً - مستمرة في التصدي لتلك الجماعات، ليس دفاعاً عن البحرين وشعبها العروبي
فقط ولكن دفاعاً عن كل الدول العربية، وبلا شك البحرين ليست من تسلم أراضيها لقوى
الإرهاب!!.
تجربة البحرين
في التصدي للإرهاب وتعزيز التعايش والتسامح
وفي خطوة أخرى ومسار
حضاري يحترم خصوصية المجتمع البحريني فقد دشن جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة
مشروعاً كبيراً يؤكد على حقوق الإنسان وحريته الدينية، ففي العام 2018م تم إنشاء (مركز
الملك حمد العالمي للتعايش السلمي) المعني بشئون أتباع الأديان والمذاهب
والثقافات، ليعكس الصورة الحضارية لدولة خليجية عربية إسلامية تؤمن بتعدد الأديان
والثقافات، وعلى أن البحرين موئل كل البشر المحبين للتسامح والسلام والتعايش،
فقلوب أبنائها مفتوحة قبل بيوتهم، حتى غدت البحرين واحة أمن وأمان واستقرار في
الساحل الشرقي للأمة العربية، وهذه هي سمات كل البحرينيين وأخلاقهم منذ آلاف
السنين حيث حضارة دلمون وتايلوس وأوال، ولكنها تطورت وازدهرت وأصبح لها مؤسسات
ومراكز ترعاها، وتشريعات وقوانين تحفظها، كل ذلك بفضل الله أولاً ثم برعاية سيدي
ملك مملكة البحرين.
الأيام / مراجعات عدد 11225 تاريخ 2/1/2020
0 تعليقات