خطبة الحذر من إشاعة الفوضى والخراب

 


الحذر من إشاعة الفوضى والخراب

الشيخ صلاح الجودر

أما بعد: فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أن التقوى خير لباس، وأزكى ذُخر عند الشدائد والبأس، وأفضل عُدة وزاد، يُبلغ إلى جنان ورضوان رب العباد، تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقيا [مريم: 63].

أيها المسلمون، المتأمل في أوضاع أمتنا الإسلامية وعللها يرى الأفكار المتطرفة التي تدعو لسفك الدماء، وقتل الأبرياء، وإشاعة الفوضى، ويزداد العجب من العقول التي تروج لتلك الأفكار تحت دعاوى وفتاوى دينية، والدين منها براء، لذا يتساءل الفرد: ما بال هؤلاء لا يصغون إلى نداء رب العالمين؟!، ما بالهم لا يصغون إلى نداء العقل والمنطق؟!.

أيها الإخوة المؤمنون، ما حدث في إحدى المناطق من تفجير للسيارات قد أفجع الناس، فهو عمل إجرامي جبان، تستنكره كل الشرائع السماوية، والقوانين الوضعية والفطر الإنسانية، لذا لنا وقفه مع ذلك الحادث الإجرامي:

أولاً: ترويع الآمنين والاعتداء على ممتلكاتهم الخاصة هو إجرام وإفساد، يجب شجبه واستنكاره من قبل جميع الفعاليات، ويجب عدم تبريره أو البحث له هم مسببات لقوله تعالى: وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا ۚ إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ [الأعراف: 56].

الثاني: أن هذا الفعل ليس من البطولة والشجاعة في شيء، فالبطولة أن تبني لا تهدم، وأن تعمر لا تخرب، وأن تصلح لا أن تفسد، فحرق السيارات وترويع الآمنين ليس ببطولة، لقد أساء أصحاب تلك الأفعال لأنفسهم، فهم عديمي الرحمة والشفقة، وهم بعيدون عن نبي الرحمة الذي وصفه ربه في كتابه: وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين [الأنبياء: 107].

عباد الله، يذهل المسلم ويحار مما يرى من الأعمال الشريرة التي تقوم بها فئة خرجت على الناس، ثم تجد من يحاول البحث لها عن مخارج لتبرير أعمالها الإجرامية، إن الأمر أبعد من ذلك، فهذه فئة ملئت حقداً وكراهية على الوطن وأبنائه، ويرى ذلك في بياناتها التي تصدرها من بريطانيا، فهي تريد أن يسير الجميع خلفها للإفساد في الأرض، فكشفوا عن سواعد التخريب والتدمير، واتبعوا مخططات تغير هوية المنطقة، فكانت أعمالهم حرق للإشارات والإطارات، وغلق للشوارع والطرقات، وتفجير للسيارات والسلندرات، في حلقة إجرامية إرهابية جديدة، لحقت بسابقاتها في مناطق كثيرة، لتشكل عملاً إرهابيا آثماً يلعنه الله ورسوله والمؤمنون.

أيها الإخوة، إن الفكر التحريضي والتخريبي تحاربه كل الشرائع السماوية، فالموقف الشرعي الصريح يوجب على الجميع رفض تلك الأعمال دون البحث عن مبررات، فالشريعة الإسلامية الغراء جاءت لحفظ الأمـن، وحفظ الدماء، فدم المسلم وماله وعرضه حرام، قـال : (كلُ المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه) [أبوداود وصححه الألباني]، وعن أبي هريرة أن رسول الله قال: (لا يُشير أحدكم على أخيه بالسلاح، فإنه لا يدري لعـل الشيطـان ينـزع في يده فيقع في حفرة من النار) [البخاري]، فيكيف بمن يزرع قنبلة أو متفجر، كيف بمن يستبيح دماء الأبرياء؟، كيف بمن يروع طفلاً صغيراً أو شيخاً كبيراً أو امرأة ضعيفة؟!. العنف والتخريب لا يحملان سوى عنوان واحد هو الإفساد في الأرض، والمشاعر كلها تستنكره وترفضه، وتتبرأ من أصحابه، لذا صح عن رسول الله أنه قال: (لا يحل لمسلم أن يروع مسلما) [أبو داود].

عباد الله، المحافظة على الأمن والاستقرار مسئولية مجتمعية، وليس الأمن فقط هو أمن الشوارع والطرقات، بل يجب أن يشمل أمن العقول والأفهام، بتطبيق شرع الله، وطاعة ولاة الأمر، وسد منافذ الشر، وتصفية المجتمع من كل من يسعى لتعكير أمنه واستقراره .

أقول قولي هذا، واستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية: لا توجد.


المرجع: كتاب الخطب المنبرية في مواجهة الإرهاب والتطرف والطائفية

إرسال تعليق

0 تعليقات