القمة العربية.. جدة

القمة العربية.. جدة تشهد مرحلة جديدة

بقلم: الكاتب صلاح الجودر

العدد 12465 الخميس 25 مايو 2023 

مراجعات / صحيفة الأيام البحرينية


شهدت مدينة جدة السعودية يوم الجمعة 19 مايو 2023 انعقاد القمة العربية الثانية والثلاثين وسط أجواء من التفاؤل لحل القضايا العربية العالقة، خاصة في ظل ظروف إقليمية ودولية صعبة ومعقدة، فقد تأثر الأجماع العربي خلال العشر السنين الماضية بسبب مجموعة من القضايا وأبرزها ما يعرف بـ(الربيع العربية) وسمومه وجائحة كورونا، لذا كان من الأهمية أن تكون هذه القمة - تحديدًا - مختلفة لإعادة العلاقات العربية إلى سابق عهدها، وتحمل القادة العرب المسئولية التاريخية لتعزيز الأمن والاستقرار والازدهار بالمنطقة، وكما يقول المثل العربي: بيدي لا بيد عمرو.

كما شهدت القمة العربية حدثيين تاريخيين، الأول هو مشاركة الرئيس السوري بشار الأسد بعد غياب دام 12عامًا بسبب الأحداث التي شهدتها سوريا، والحدث الآخر هو مشاركة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الذي تشهد بلاده تدخلاً عسكريًا روسيًا، وهذا الحضور هو تأكيد على معالجة الملفات العالقة بالحوار المباشر.

لقد جاء البيان الختامي للقمة العربية بمدينة جدة ليضع خارطة طريق جديدة للدول العربية، فكانت أولى القضايا هي قضية الشعب الفلسطيني الذي يعاني من التعنت الإسرائيلي رغم المحاولات لإنهاء القضية التي استمرت أكثر من سبعين سنة، ودعم المبادرة العربية المتوافق عليها لحل الدولتين، ومعالجة الأزمات التي تشهدها بعض الدول العربية مثل السودان وليبيا واليمن وسوريا ولبنان، والتأكيد المطلق على سيادة دولة الإمارات على جزرها الثلاث، طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، وتوحيد المواقف في العلاقات العربية، كما شدد البيان على الرفض التام للميليشيات والكيانات المسلحة خارج نطاق الدولة.

كما رحب البيان على الاتفاق الذي تم برعاية الصين بين المملكة العربية السعودية وإيران، مما يفتح علاقات جيدة وجديدة بالمنطقة قائمة على حسن الجوار وعدم التدخل في الشئون الداخلية للدول، فقمة جدة جاءت بعد فترة صعبة وبشعة شهدتها المنطقة العربية، فكانت آمال الشعوب العربية من الخليج إلى المحيط كبيرة بعهد جديد قائم على العمل العربي المشترك، فالكثير من الدول العربية اليوم تحتاج لتعزيز الأمن والاستقرار فيها، ومن ثم السعي لرفع مستوى المعيشة والازدهار لشعوبها، إذ لا يمكن أن يكون وطن عربي مستقر وجيرانه من الدول تشهد حروبًا وصراعات. 

جاءت قمة جدة بعد مساعي دبلوماسية كبيرة قامت بها السعودية، وأبرزها عودة العلاقات العربية التركية والاتفاق السعودي الإيراني، حيث كانت المرحلة السابقة فرصة للجماعات الإرهابية والمتطرفة من الولوغ في الكثير من الدول العربية وتعكير أمنها واستقرارها، أما وقد تم الاتفاق مع الدول الجارة فإن ذلك يأذن بمرحلة جديدة مختلفة، مرحلة تنتهي معها الجماعات الإرهابية التي تداعت من كل صوب وحدب لتدمير بعض الدول العربية بدعوى التغيير!.

لذا فإن من أبرز مكاسب قمة جدة هو التصالح وعودة العلاقات العربية، فقد كان البيت العربي متصدعًا لدرجة الانهيار، مما دفع الجماعات الإرهابية من تشكيل كياناتها وتكثير إرهابيها، لذا فإن هذه القمة قد أغلقت الأبواب والنوافذ أمامهم، وما كان ذلك ليكون إلا في الشقيقة الكبرى السعودية، فتحية تقدير وإكبار على عودة العلاقات العربية إلى سابق عهدها.

إرسال تعليق

0 تعليقات