خطورة مواقع التواصل الاجتماعي



خطبة مواقع التواصل الاجتماعي وتنبيه الأبناء

الجمعة 26 ابريل 2024 جامع الخير بالبحرين

 

أما بعد: فأوصيكم - عباد الله - ونفسي بجماع الخير وملاكِ البر، وصيةِ الله للأوّلين والآخرين، وخير ذخرٍ للمؤمنين، قال تعالى: (ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن ٱتقوا ٱلله) [النساء: 131].

أيها الإخوة المؤمنون: إن حفظ الأديان مقدمٌ على حفظ الدنيا والأبدان، وإصلاحِ الأخلاق مقدمٌ على إصلاح الأرزاق، وجاء في الدعاء المأثور عن نبينا محمد : (اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لِي دِينِي الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِي، وَأَصْلِحْ لِي دُنْيَايَ الَّتِي فِيهَا مَعَاشِي، وَأَصْلِحْ لِي آخِرَتِي الَّتِي فِيهَا مَعَادِي، وَاجْعَلْ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لِي فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلْ الْمَوْتَ رَاحَةً لِي مِنْ كُلِّ شَرٍّ ).

عباد الله، آفتان عظيمتان وصلتا إلى كثير من البيوت، ودخلتا عدداً من المنازل، فيهما خلخلة عظيمة للدين وإضعاف كبير للأخلاق، وتخريب للمبادئ والقيَم المتعارف عليه والتي هي عنوان المجتمعات العربية، ومن لم يتدارك نفسه وبيته أهلكته وأهلكت من حوله، إنهما القنواتُ الفضائية الموبوءة، ومواقعُ التواصل المشبوهة، فما أعظم ما ينشأ عن هذين من فساد، ويترتب عليهما من انحلال، فكم من عقائد هُدمت، وكم من أخلاق دُمرت، وكم من فساد بين الناس نشر، نعم - عباد الله - لقد تمكن أعداء الله من خلال تلك القنوات والمواقع من الوصول إلى عقول الشباب والناشئة، نشراً للشكوك، وزرعاً للشبهات والشهوات وتتبعِ الملذات، مما ترتب على ذلكم تسلل الأفكار الخبيثة، والمبادئ الهدامة، والأخلاق السيئة إلى عقول كثيرٍ من الشباب والشابات بل وحتى الكبارُ.

أيها الإخوة المؤمنون، لقد كان أعداءُ الله في الأزمنة الماضية لا يتمكنون من الوصول إلى العقول إلا بصعوبة بالغة، أما الآن فقد أصبحت أفكارهم ومناهجهم تحملها بعض القنوات والمواقع، ولما أسلم بعضُ الشباب أنفسهم لتلك القنوات والمواقع كرهوا مجتمعاتهم، وهجروا أهليهم وذويهم، فلا يرون في مجلس ومنتدى، ولا يحضرون عيداً ولا احتفالاً، ولا يعودون مريضاً أو محتاجاً، ولا يستقبلون ضيفاً، ولا يكرمون جاراً، وقبل هذا وذلك هجروا مجالسة والديهم وأهل العلم حتى أصبحوا من العاقين قاطعي الرحم.

عباد الله، إن أخطار وأضرار القنوات والمواقع لا حصر لها، أخطارٌ على العقيدة، وأخطارٌ على القيم والأخلاق، وأخطارٌ على القلوب والنفوس، وأخطارٌ على المجتمعاتِ المسلمة، فخطرها على العقائد شرٌ عظيمٌ، وكم من أناسٍ نشأوا على فطرٍ سليمة وعقائد مستقيمةٍ فتحولوا بسبب تلك المشاهدات إلى عقائد باطلة، وإذا نظر وتأمل المتأمل في حال كثيرٍ من الشباب والناشئة فإنه يرى التشبه بأقوام لا خلاق لهم، مراهنات ليلية، ومعاكسات وتفسخ وانحلال، حتى أصيب الكثير من الشباب بداء الانزواء، فلا يجالس زوجة، ولا يربي أبناً، ولا يهتم بأسره، همه الأول والأخير التواصل واللعب مع أناس لا يعرفهم ولا يعرفونه.

أيها الإخوة المؤمنون، من أبرز تأثيرات المواقع الإلكترونية هو قطع صلة الرحم بالوالدين والأقارب، وكثرة المشاكل بين الزوجين لانشغالهما أو أحدهما عن الأسرة والأولاد بسبب تلك المواقع.

عباد الله، ليس الغرض من طرح الموضوع تهويل الأمر، وإنما هي دعوة صادقة للحذر من تأثير تلك المواقع على الكيان الأسري والنسيج الاجتماعي، فإن لم نتدارك الأمر فإن الأمر سيودي إلى أشد وأنكى.

أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم.


الخطبة الثانية:

الحمدُ للهِ رب العالمين، ولي الصالحين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، 

عباد الله، قد كانت مجالس الآباء والأجداد مليئة بالحركة والحيوية والنشاط، ونراها اليوم وقد اصبحت مظلمة صامتة بسبب الهواتف النقالة ومواقع التواصل الاجتماعي، ويوم الجمعة، يوم تجمع الأهل والأبناء، يغيب بعض الأبناء عن التجمع العائلي بسبب انشغالهم باللعب في العالم الافتراضي، ولربما البعض ينفق ماله بالمراهنات المحرمة.

عباد الله، الكثير من الشباب والناشئة أصبحوا مدمني مواقع التواصل الاجتماعي، فقد اعتزلوا الناس من أجل محادثات إلكترونية تستمر ساعات طويلة، فغلب على تلك العقليات التنمر والانعزالية والانطواء، غلب عليها الجمود والسكون والانطواء، بسبب تلك المواقع نتجت أخلاق بعيدة عن قيم ومبادئ المجتمع، كنشر الأكاذيب، وبث الشائعات، وعدم احترام الوالدين وكبار السن، والسخرية والكذب، وقد جاء عن رسول الله  في حديث الرؤيا بأن (الرَّجُلُ يَغْدُو مِنْ بَيْتِهِ، فَيَكْذِبُ الْكَذْبَةَ تَبْلُغُ الآفاقَ) [البخاري].

أيها الإخوة، إذا كان النبي كره لأمته القيل والقال، وكثرة السؤال، فماذا عسانا أن نرى في وسائل التواصل والمواقع الإلكترونية، قال تعالى: (أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ) [الزُّخْرُفَ: 80].

ألا فاتّقوا اللهَ رحِمكم الله، واحفَظوا ألسنتَكم، (وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) [الأنفال:1].

إرسال تعليق

0 تعليقات