بقلم: سعيد الحمد
زميلنا صلاح الجودر ابن المحرق الأوفى، يخرج من ذلك الفريج القديم حاملاً سطوره من زوايا ذاكرة «لوّل» ليغوص أكثر في ثنايا الذكريات ويستحضر بقايا المشاهد ويرمم الصور التي طال بها الزمن المحرقي القديم.
الطريق إلى العاصمة القديمة (المحرق) المدينة التي ما زالت تحمل نكهة الماضي الذي كان يومًا ينبض بالحياة والصخب، غادرها الماضي لكنه لم يغادر ذاكرة أبنائها.
فرجانها القديمة بأسمائها ومسمياتها تبرر في صفحات كتابه، ومع أسماء العيون الشعبية التي اندثرت يعود بنا صلاح إلى مشاهد وصور من طفولة كل محرقي صخب تحت مياه تلك العيون، وهي تتدفق من صنابير مفتوحة على مدار الساعة دون توقف فهي بلا مفاتيح للإغلاق من عين «سمادوه» إلى عين بن هندي مرورًا بعين «حسينو» وعين «فخرو والحدادة والجلاهمة» وعشرات العيون وغيرها في محرقنا التي عشنا فيها شطرًا من طفولة عمل لم يعرف غير دواعيسها، ونذكر نحن أبناء جنوب المحرق «داعوس أم حمار» أشهر داعوس كان يثير في نفوسنا وقلوبنا الرعب والخوف من أن تخرج علينا منه «أم حمار» في الأسطورة الشعبية البحرينية القديمة.
صلاح ينادي الفرجان ويسطر قائمةً بأسماء أشهرها، وهو في ذلك كمن «يغشمر» في أهل المحرق القدماء ذاكرة جيلهم الذي عاش في تلك الفرجان وأطلق عليها تلك الأسماء وهي أسماء عائلات أو أسماء معالم من ذلك الزمن الذي انقضى.
واللافت أن للفرجان البحرينية القديمة عدة أسماء ترتبط بأجيال مروا بها وسكنوها.
وفي جولته في المحرق القديمة يعرج على بعض أسماء برزت في التطبيب الشعبي، وبالطبع أشهرهم الظاعن «هكذا عُرف» وهو عبدالله الظاعن، والمساد عبدالله العماني في فريج العمامرة وبن هندي.
ثم يبرز في المحرق القديمة اسم الطبيب الأشهر بندر كار، وهو طبيب الحكومة عام 1925، وظل في البحرين حتى وفاته في نهاية الستينات وداخل عيادته الخاصة بحالة بوماهر، والعيادة كانت تقع في بيت المرحوم فتح الله.
ودختر ابراهيم كما أطلق المحرقيون على الدكتور المرحوم ابراهيم يعقوب، وهو بالأساس ابن المحرق ودرس بالهداية الخليفية كما يشير الجودر.
وكان أشهر طبيب للأطفال بالمحرق.
ولا بد في كتاب عن المحرق أن يعرج على أم جان القابلة الأقدم والأشهر «وجان» هو ابنها الذي توفي ولها من الأبناء جميل الذي توفي هو الآخر.
ومن القابلات الشعبيات يبرز اسم آمنة شويطر رحمها الله، فقد كانت الأشهر كما يقول صلاح الجودر في كتابه عن المحرق.
هي إطلالات سريعة على ذاكرة زمن محرقي، ربما شكلت «نكشًا» لذاكرتنا نحن الجيل المخضرم، وربما ستشكل صورًا لدى الجيل الذي لم يعايش تلك الحقبة.
حتى عن «باجة سالميك» يعطينا فكرة ويقدم صورة لـ«سالميك» الذي اكتسبت «باجته» شهرة حتى في الدول الشقيقة المجاورة. وهي الوجبة التي تقدم فجرًا لتعطي طاقات كبيرة لمن يخرجون حينها للعمل اليدوي الشاق.
ولا ينسى أن يطل بنا إطلالة سريعة على المكتبات التي عرفت في المحرق من مكتبة عبدالعزيز الجامع إلى مكتبة الجودر والظاعن وغيرها من مكاتب كنا نقصدها لاقتناء الكتب والمجلات، وأذكر ايضًا مكتبة الشعب لصاحبها حمد الزياني وخليفة الدوي وكانت تقع في سوق المحرق القديم مقابل دكاكين حلوى شويطر.
يطل بنا صلاح الجودر على المحرق القديمة بشكل سريع ومنشط للذاكرة.
الأيام: العدد 11906 الجمعة 12 نوفمبر 2021
0 تعليقات