الدكتور محمد العيسى
انتصار الاعتدال والوسطية على التطرف والإرهاب
بقلم: صلاح الجودر
صحيفة الأيام العدد 12153 الأحد 17 يوليو 2022
في العشر الأول من ذي الحجة شهدت مراكز التواصل الاجتماعي هجومًا شرسًا على الداعية السعودي الدكتور الشيخ محمد العيسى الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، هجمة لم يشهد لها التاريخ مثيلًا حتى مع أشد الناس كفرًا وعداوة، كل ما هناك أنه تم اختياره خطيبًا وإمامًا في مسجد نمرة ليوم الحج الأكبر، يوم عرفة.
لقد تعرض الدكتور العيسى لهجمة شرسة من أصحاب الفكر المتطرف وأعداء الإنسانية، من خلال مجموعة من التغريدات، وهي كلمات خبيثة أريد بها باطل، والمؤسف أن بعض البسطاء من الناس انساقوا معهم ترويجًا لحملتهم المسمومة، ونشرًا لفكرهم التكفيري تحت وسم #أنزلوا ـ العيسى ـ من ـ المنبر، مع أن الدكتور العيسى اختارته الحكومة السعودية ومن خلفها هيئة العلماء والمشايخ ليكون إمامًا وخطيبًا للمسلمين في ذلك اليوم العظيم المبارك.
قيل قديمًا (إذا عرف السبب بطل العجب)، وفعلًا حين عرف سبب الهجمة الشرسة على الدكتور العيسى بطل كل ادعاء وشعار ووسم تم التغريد به، فالدكتور العيسى له آراء جريئة في الدعوة إلى تعايش جميع البشر رغم اختلاف أديانهم وشرائعهم وثقافاتهم، وهي دعوة الأنبياء والمرسلين، وخاتمهم رسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم الذي تعايش مع اليهود والنصارى وكفار الجاهلية، إذا الدكتور العيسى لم يأتِ بجديد، ولم يبتدع في الدين ما ليس فيه، إنما جاء بالمسكوت عنه لأسباب سياسية!.
لقد جاءت بعض التغريدات على مراكز التواصل الاجتماعي للتسقيط، وهي تغريدات في ظاهرها مجهولة المصدر، ولكن الجميع يعلم من يقف وراءها!!، فكانت التغريدات بإنزال الداعية الدكتور محمد العيسى من المنبر، بل ومطالبة الحجاج والمصلين بعدم الصلاة خلفه، والصلاة في الخيام، وهي دعوة تخالف منهاج النبوة من عدة أوجه، أولها أن الدكتور العيسى يستجيب لولاة الأمر في المنشط والمكره، فطاعتهم من طاعة الله ورسوله، وكان تكليفه بالصلاة من ولاة الأمر، الأمر الثاني أن المسلمين يصلون خلف كل من يملك معايير الإمامة والصلاة، وهي جميعها مع الدكتور العيسى الذي لا نزكيه على الله، وبقية القضية والسالفة هي الاختلاف في وجهات النظر، وقد اختلف الصحابة فيما بينهم ولكن بقي الحب والاحترام بينهم، ولم يفسد الاختلاف للود قضية.
إذا كان الأمر كذلك فلماذا الهجوم الشرس على الدكتور العيسى الذي يعتبر أحد علماء ودعاة السعودية والمسلمين في العالم، للأمانة فإن الشهادة في الدكتور العيسى مجروحة، فقد التقيت به في أكثر من محفل وأبرزها في مدينة نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية في المؤتمر الدولي (التواصل الحضاري بين الولايات المتحدة الأمريكية والعالم الإسلامي) الذي نظمته رابطة العالم الإسلامي في سبتمبر 2017 برعاية كريمة من الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية، فوجدته من علماء المسلمين الكبار، ويتحلى بدماثة الخلق والتعامل الحسن، وتابعت أغلب برامجه التي تبث على القنوات الفضائية فوجدت حديثه يستند إلى الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة، ولديه رؤية معاصرة لكل القضايا.
ومع ذلك جلست خلف التلفاز لمتابعة خطبة يوم عرفة فوجدتها سهلة في كلماتها، غزيرة في معانيها، تحمل رسائل الحب والسلام والتسامح والتعايش مع سائر البشر، وحملت في مضامينها رؤية السعودية التي تتضمن العدل والمساواة والتعددية والتنوع، ولم يغفل عن دعوة الأنبياء والمرسلين لتوحيد الله وعبادته، فقد لامس الدكتور العيسى شعور كل مسلم في أهمية تعزيز الأمن والاستقرار بعالم يموج بالحروب والصراعات التي بلغت مستوى الصدام النووي، لذا ختم الخطبة بالتحذير من التنافر والتباغض والكراهية.
ما يحمله الدكتور العيسى من رؤية وفلسفة ومشروع هو ما تحتاجه البشرية اليوم، فكانت جولاته في أمريكا وأوروبا وآسيا تحمل المضامين الإنسانية للتعايش السلمي، وهي رسالة الإسلام الخالدة، فكانت لقاءاته مع أبناء إبراهيم عليه السلام من يهود ومسيحيين وأتباع الديانات الأخرى مثل البوذا والهندوس هي تأكيد على أهمية التعايش والمصالح المشترك في الأرض التي خلقها الله، وخلق فيها الذكر والأنثى، وجعل القبائل والشعوب من أجل التعارف والتعاون والعمل المشترك.
لقد كانت خطبة الدكتور العيسى يوم عرفة رؤية شاملة، ليست للمسلمين فقط ولكن لكل البشر الذي يرتبطون مع المسلمين في الأخوة الإنسانية، الأخوة التي وضع أسسها رسول الله حين دخل المدينة المنورة، وسار عليها جميع الصحابة وآل البيت والتابعين لهم بإحسان، لذا ما يحمله الدكتور العيسى هو مشروع للتعايش بين البشر، سواءً في أوروبا أو أمريكا أو أفريقيا أو آسيا، وتحديدًا في المنطقة العربية التي تعرضت لحالات من العنف والكراهية ونشر الإرهاب!!.
ترشيح الدكتور محمد العيسى عضو هيئة كبار العلماء والأمين العام لرابطة العالم الإسلامي لخطبة وصلاة يوم عرفة جاءت بصدور موافقة ملكية سامية، وهي رسالة واضحة وصحيحة أن الشقيقة الكبرى السعودية تحمل على عاتقها مسؤولية التغير الإيجابي، وأبرزها قيم التسامح والتعايش السلمي التي يمثل موسم الحج المناسبة الكبرى في العالم التي يجتمع حولها أتباع الديانات السماوية، من بداية بناء البيت العتيق على يد أبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام إلى يومنا هذا، فكان موسم الحج لهذا العام مدرسة كبرى أوجزها الدكتور محمد العيسى في خطبة يوم عرفة في يوم الجمعة، فكانت التهنئة من الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ عبدالرحمن السديس.
0 تعليقات