خليفة بن زايد رحيلك مؤلم



بقلم: صلاح الجودر

صحيفة الأيام  عدد 12094 الخميس 19 مايو 2022

لا نقول إلا ما يرضي ربنا، فإنا لله وإنا إليه راجعون، فقد انتقل إلى جوار ربه قائد عربي، حمل أمانة دولته بكل إماراتها ومؤسساتها وأجهزتها، فقد ورث تركة كبيرة أساسها الوحدة والاتحاد لدولة فتية، فكان نعم الخلف لخير سلف، حتى جاء وعد الحق فانتقلت روحه الطاهرة إلى الملكوت الأعلى عند رب رحيم.

بقلوب مؤمنة بالله، صابرة على أقداره بلغنا يوم الجمعة وفاة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، فقد كان رئيسًا لدولة الأمارات العربية المتحدة خلفًا لوالده الشيخ زايد آل نهيان مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة مع إخوانه حكام الإمارات، وقد كان الشيخ خليفة وفيًا لشعبه، عطوفًا ومحبًا لهم، ففي عهده خطت الإمارات خطوات رائدة في الكثير من المجالات، وأصبحت الإمارات رقمًا صعبًا في الكثير من المسارات، السياسية والاقتصادية والأمنية والإنسانية، حين قدمت للعالم نموذجًا مشرفًا في بناء المجتمع وتطور الإنسان.

لقد فقدت الأمة العربية والإسلامية والعالم بأسره شخصية رائدة، فالشيخ خليفة بن زايد ساهم في بناء دولة الإمارات العربية المتحدة حين وقف مع والده الشيخ زايد وحكام الإمارات، وأرسى دعائم استقرار الدولة في بداية تأسيسها من خلال المكاسب التي تحققت للوطن حتى أضحت الإمارات على خارطة العالم كدولة عصرية يحتذى بها.

لم يبخل الشيخ خليفة بن زايد يومًا على أبناء شعبه، فقد كانت يداه بيضاء من الخير كما سلفه الشيخ زايد، فكان المواطن الإماراتي في أولويات برنامج دولته ومؤسساتها، وهي وصية والده الشيخ زايد رحمه الله، فكان يسعى لإسعاد الإماراتيين داخل البلاد وخارجها، ويحاول التخفيف عنهم مصاعب الحياة، وكان يتابع مشاكل المواطنين بنفسه لعلاجها، ويعطي التوجيهات لسرعة حلها، وفي الجانب الآخر كان يسعى لراحة المقيم والزائر لدولة الإمارات وذلك لأيمانه الراسخ بأن الإمارات لكل البشر، لذا كان يدعو لأن تصبح الإمارات واحة تسامح وتعايش، فأتاح في دولته بناء دور العبادة لأتباع الأديان من منطلق حرية العبادة، وتم إطلاق وثيقة الأخوة الإنسانية في عهده.

لقد كان الشيخ خليفة بن زايد قائدًا عربيًا مخلصًا لقضايا أمته، حاملًا همومها وآمالها، مدافعًا عن قضاياها، وكانت القضية الفلسطينية في وجدانه، ومؤكدًا على حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته على أرضه وعاصمتها القدس الشريف، ولم يتخلى عن ذلك الحق يومًا.

الشيخ خليفة رحمه الله بعد وفاة والده المؤسس الشيخ زايد آل نهيان لم يبرح قيد أنملة نهج والده ولا رؤيته، فقد سار على ذات الدرب حتى ليخيل للفرد أن الشيخ زايد رحمه الله موجود، فقد سار في ذات الاتجاه ليكمل مشروع والده الشيخ زايد بمساندة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم وأخيه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، فكانت فترة حكمه هي بقية حكم الشيخ زايد، وحقق ما لم يتم تحقيقه في فكر ومشروع الشيخ زايد وأبرزها الاستقرار السياسي والرفاهية للشعب الإماراتي.

لقد تولى الشيخ خليفة الكثير من المناصب في زمان والده الشيخ زايد رحمه الله، فقد كان ممثلًا لحاكم أبوظبي في أغسطس 1966 بالمنطقة الشرقية ورئيس المحاكم فيها، واستمر في تنفيذ المشاريع التنموية الكبرى بالمنطقة، وفي بداية قيام الاتحاد الإماراتي أصبح الشيخ خليفة بن زايد المسؤول التنفيذي الأول المشرف على المشاريع الكبرى بالدولة، وفي العام 1969 أصبح وليًا للعهد لإمارة أبوظبي، وتولى مهام دائرة الدفاع بالإمارة التي أصبحت فيما بعد نواة القوات المسلحة بدولة الإمارات العربية المتحدة، ثم أصبح حاكمًا لأبوظبي ووزيرًا محليًا للدفاع والمالية في الإمارة، ثم تولى منصب نائب رئيس الوزراء في مجلس الوزراء الثاني، وبعد وفاة الشيخ زايد آل نهيان في نوفمبر 2004 أصبح ثاني رئيس لدولة الإمارات العربية المتحدة.

لقد بكت البحرين كما سائر الدول العربية والإسلامية والعالمية الشيخ خليفة بن زايد الذي حمل في صدره مصلحة وطنه وأمته، فقد كان فعلًا رجل الإنسانية، فما من مأساة في بقعة من العالم إلا وترى الإمارات بتوجيهاته السديدة في مقدمة الدول التي تقدم العون والمساعدة، فالإمارات تساعد البعيد كما القريب، فكم مسحت الإمارات في عهده دموع الفقراء والمساكين، ورسمت الابتسامة على وجوه اليتامى والأرامل والمحتاجين، ونحن أهل البحرين نحمل الكثير من الحب لأهل الإمارات لما تربطنا بهم من علاقات فريدة ومتميزة.

فرحم الشيخ خليفة بن زايد وأسكنه فسيح جناته.

إرسال تعليق

0 تعليقات