خطبة عيد الفطر 1443
2 مايو 2022
جامع الخير قلالي
الله أكبر، الله
أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله
أكبر.
الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان
الله بكرةً وأصيلاً.
الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل
الظلمات والنور، ثم الذين كفروا بربهم يعدلون، الحمد لله الذي سخر الليل والنهار، والشمس والقمر
كل في فلك يسبحون. الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ليحكم بين الناس فيما
كانوا فيه يختلفون. الحمد لله الذي
جعل جنات الفردوس نزلاً يتنافس فيه المتنافسون.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،
شهادة تنفع العبد يوم لا ينفع مال ولا بنون. وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صاحب الحوض المورود،
والمقام المحمود، واللواء المعقود، والكرم والجود، أول من تفتح له أبواب الجنان،
صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى اليوم>
أما بعد: فأُوصيكم - أيها الناس - ونفسي بتقوى
الله عز وجل، فاتقوا الله - رحمكم الله -، اتقوا الله وأطيعوه، وعظِّموا أمره ولا
تعصُوه، فمن اتقى اللهَ حسُن توكُّله على ربه فيما نابَه، وحسُن رضاه بما آتاه،
وحسُن زهدُه فيما فاتَه.
اتقوا الله حق التقوى، وتقرَّبوا إليه بما يحبُّ
ويرضى، تزيَّنوا بلباس التقوى، فالفائز من ألبسه مولاه حُلَل مولاه، وتأهَّبوا
للعرض الأكبر يوم يُعرضُ الناسُ حُفاة عُراة، وينظرُ كلٌ منّا ما قدَّمَت يداه:
(يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ).
أيها المسلمون: ها قد رحل عنا شهر الجود والكرم،
شهر الصيام والقيام والقرآن، شهر البر والجود والإحسان، شهر رمضان المعظم، ربح فيه من ربح وخسر فيه من خسر، وإن يومكم هذا، يوم عظيم، وعيد كريم، في هذا
اليوم يفرح فيه الذين جدوا واجتهدوا في رمضان، سبق قوم ففازوا، وتأخر آخرون
فخابوا، في هذا اليوم يفرح المصلون، ويندم الكسالى النائمون والعابثون اللاعبون.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله
أكبر الله أكبر ولله الحمد
عباد الله، إن الجوائز الإلهية، والمنح الربانية،
التي توزع اليوم ما هي إلا جزء من الجوائز العظيمة، والمنح الكريمة التي يخص الله
بها عباده الصائمين يوم القيامة، روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة، قال: قال
رسول الله: (للصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح ، وإذا لقي ربه فرح بصومه)، قال
ابن رجب: (وأما فرحه عند لقاء ربه، ففيما يجده عند الله من ثواب الصيام مدخرا)، قال رسول الله: (الصيام والقرآن يشفعان للعبد،
يقول الصيام رب إني منعته الطعام والشراب بالنهار فشفعني فيه، ويقول القرآن رب
منعته النوم بالليل فشفعني فيه، فيشفعان) [أحمد] ، فيقبل الله شفاعتهما.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله
أكبر الله أكبر ولله الحمد
عباد الله، لقد مر بنا شهر رمضان كطيف خيال، مرّ
بخيراته وبركاته، إن أودعت فيه خيراً فخير، وإن شراً فشر، ونسأل الله تعالى أن
يبارك فيما كان فيه من خير، وأن يتجاوز عما كان فيه من تقصير، وأن يتقبل صيامنا
وقيامنا.
أيها المؤمنون: إن العاقل الفطن لا يفكر في العيد بقدر تفكيره
واهتمامه بقبول الله تعالى لعمله، إذ إن مصيبة المصائب أن تصوم ثم يرد عليك صيامك،
وأن تصلي فلا تقبل صلاتك، وهذه والله مصيبة المصائب، قال علي بن أبي طالب: (كونوا
لقبول العمل أشد اهتماماً منكم بالعمل، ألم تسمعوا الله عز وجل يقول: "إنما
يتقبل الله من المتقين").
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله
أكبر الله أكبر ولله الحمد
أيها الأخوة المؤمنون: عيدُكم مُبارك، وتقبَّل
الله صيامَكم وقيامَكم، وصلواتكم وصدقاتكم، وجميعَ طاعاتكم، وكما فرِحتم بصيامكم،
فافرحوا بفِطركم، فقد أدَّيتم فرضَكم، وأطعتُم ربَّكم، صُمتم وقرأتُم وتصدَّقتُم،
فهنيئًا لكم ما قدَّمتم، وبُشراكم الفوزَ بإذن الله وفضله.
افرحوا وابتهِجوا واسعَدوا، وانشروا السعادةَ
والبهجةَ فيمن حولكم، إن حقكم أن تفرحوا بعيدكم وتبتهِجوا بهذا اليوم، يوم الزينةِ
والسرور، ومن حقِّ أهل الإسلام في يوم بهجتهم أن يسمعوا كلامًا جميلاً، وحديثًا
مُبهِجًا، وأن يرقُبوا آمالاً عِراضًا، ومُستقبلاً زاهرًا لهم ولدينهم ولأمتهم.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم
ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر،
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر.
الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان
الله بكرةً وأصيلاً،
أما بعد:
الحمد لله عددَ ما ذرَفَت العيون في مواسم
الطاعات من عبَرات، والله أكبر ما تقرَّبوا إلى مولاهم بالعبادات، صلواتٍ وصيامًا
وصدقات، والحمد لله أفاضَ علينا من خزائن جُوده مالا يُحصَر، والله أكبر
شرعَ لنا شرائعَ الأحكام ويسَّر، أحمدُه سبحانه وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره وهو
الكريم الجواد، أحقُّ من عُبِد، وأحقُّ من ذُكِر، وأحقُّ من يُشكَر، ذو الفضل
والإحسان والمنَّة، يمنحُ الجزاءَ الأوفَى، ويهَبُ الفضلَ الأكبر، وأشهد أن لا إله
إلا الله وحده لا شريك له، والعزَّةُ لله ولرسوله وللمؤمنين، والذِّلَّةُ
والصّغَار والهوانُ لأهل الكفر والفُجور والمعاندين، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا
عبدُ الله ورسوله خاتمُ النبيين وإمام المرسلين ورحمة الله للعالمين، صلَّى الله
وسلَّم وباركَ عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين، وعلى
أصحابه الغُرِّ الميامين أقاموا الدين، وجاهدوا في الله حقَّ جهاده صابرين مُخبتين
مُحتسبين، والتابعين ومن تبِعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله
أكبر، الله أكبر، ولله الحمد،
عباد الله، هنيئًا لمُوسِرٍ يزرعُ البهجَة على
شفَة مُحتاج، ومُحسنٍ يعطِفُ على أرملة ومسكين ويتيم، وصحيحٍ يعودُ مريضًا، وقريبٍ
يزورُ قريبًا، العيدُ عيدُ من عفا عمن زلَّ وهفا، وأحسن لمن أساء، العيدُ عيدُ من
حفِظَ النفسَ وكفَّ عن نوازِعِ الهوى، يلبسُ الجديد ويشكرُ الحميدَ المجيدَ،
من هو في فرحٍ لا يُنسِي، وبهجةٍ لا تُطغِي.
لا يسعَدُ بالعيد من عقَّ والدَيْه، وحُرِم
الرضا في هذا اليوم المبارَك السعيد، ولا يسعدُ بالعيد من يحسُد الناس على ما
آتاهم الله من فضله، وليس العيد لخائنٍ غشَّاش يسعى بالفساد بين الأنام، كيف يفرحُ
بالعيد من أضاعَ أموالَه في ملاهٍ مُحرمة، وفسوقٍ وفُجور، ليس له من العيد إلا
مظاهرُه، وليس له من الحظِّ إلا عواقِرُه.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله
أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
عِبَادَ اللهِ، أَدِيمُوا الطَّاعَةَ بَعدَ
رَمَضَانَ، وَأَتبِعُوا الإِحسَانَ بِالإِحسانِ، صُومُوا سِتَّ شَوَّالٍ لتنالوا
أَجرًا عَظِيمًا، قَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: (مَن صَامَ رَمَضَانَ
ثُمَّ أَتبَعَهُ سِتًّا مِن شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهرِ) [مُسلِمٌ وَغَيرُه].
تَصَافَحُوا وَتَصَالَحُوا، وَابتَسِمُوا في
وُجُوهِ بَعضِكُم، وَأَفشُوا السَّلامَ وَأَطعِمُوا الطَّعَامَ، وَصِلُوا
الأَرحَامَ، وَأَكرِمُوا الجِيرَانَ، وَوَسِّعُوا عَلَى أَهلِيكُم وَمَن تَحتَ
أَيدِيكُم، وَلا تَنسَوا إِخوَانَكُم في مَشَارِقِ الأَرضِ وَمَغَارِبِهَا،
وَادعُوا لِلمُضطَهَدِينَ مِنهُم، عَسَى اللهُ أَن يُغنِيَهُم مِن فَضلِهِ،
وَيُعَجِّلَ فَرَجَهُم وَيَنصُرَهُم عَلَى القَومِ الظَّالمِينَ.
ألا فاتقوا الله - رحمكم الله -، واهنأوا
بعيدكم، وأصلِحوا ذات بينكم، وأطيعوا الله ورسولَه إن كنتم مؤمنين، فالعيدُ فرحةٌ
وبهجةٌ، فمن أحبَّ أن يُسامِحَه الناس فليُسامِحهم، ومن زاد حبّه لنفسه ازداد
كرهُ الناس له، والأُلفة دليل حُسن الخلق، والنُفرة علامةُ سوء الخُلق، التهنئةُ
الصادقة والابتهاجُ الحق لمن قبِل الله صيامَه وقيامَه وحسُنت نيَّتُه وصلُح
عملُه، تهنئةٌ وبهجةٌ لمن حسُن خُلُقه وطابَت سريرتُه.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله
أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
وتقبل الله طاعتكم، وكل عام وأنتم بخير.
0 تعليقات