أيها الإخوة المؤمنون: الواجبِ على كلٍ مسلمٍ غيور على دينه وأمته أن يزن الأمور بميزان
العدل والقسط، وأن يرضى به لشئون حياته كلها، ذلك مع الأخذ بسنة النبي المصطفى لأنها
المصدر الثاني للتشريعِ، لقوله تعالى: (فَلاَ
وَرَبّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ
يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ
حَرَجاً مّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلّمُواْ تَسْلِيماً)
[النساء: 65]. من رحمة الله تعالى بنا أن أنزل لنا هذا الميزان الحق وهذا الحكم العدل لكي نزن به
أمورنا وشئون حياتناوَلَوْ
كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ ٱللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ ٱخْتِلَـٰفاً كَثِيراً
[النساء: 82].
لقد استمد العلماء معارف لا حصر لها من القرآنِ الكريمِ والسنة
المطهرة، وكان من أهمها (علم مقاصد الشريعة)، فهو العلم الذي قال عنه ابن القيم في
(أعلام الموقعين): (إنه العلم الذي يدخل على القلوب بغير استئذان). فماذا نعني
بفقه المقاصد؟، فالمجتهد الذي يحكم ويفتي باسم الشرع لا بد أن يكون عالما تمام
العلم بمقاصده العامة، وبمقاصده في المسألة التي يجتهد فيها ويحكم عليها، فالإمام
الشاطبي وضع القواعد وبين المناهج، ومن أهم القواعد التي وضعها الشاطبي في العمل
المقاصدي (اعتبار المآلات) التي تعني: تقدير الإنسانِ لعواقب ومآلات أفعاله لتبلغ
الأحكام مقاصدها، وتفضي التكاليف الشرعية لأحسن مآلاتها.
لنأتي بحوادث من السنة النبوية لتوضيح القاعدة:
1)
امتنع
النبي صلى الله عليه وسلم عن قتل المنافقين مع علمه بهم واستحقاقهم له،
وقـال: (أخاف أن يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه) [متفق عليه].
2) تخلى صلى الله عليه وسلم عن إعادة بناء البيت الحرام على قواعد إبراهيم حتى لا يثير بلبلة بين العرب، وكثير منهم حديثو عهد بالإسلام، وقال لعائشة - رضي الله عنها - (لولا حدثان قومكِ بالكفرِ لفعلت) [موطأ الإمام مالك].
3) وعندما بال الأعرابي بالمسجد وقام الصحابـة لزجره ومنعه، قال صلى الله عليه وسلم:(لا تُزرموه، دعُـوه..) [البخاري ومسلم].
0 تعليقات