خطبة فضل الصحابة

 

مقبرة البقيع بالمدينة المنورة

أمّا بعد: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل، فالتقوى سبيل الفلاح وطريقُ النجاح، عزٌّ في الدنيا ورفعة في الآخرة، قال الله تعالى: (يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) [آل عمران:102].

عبادَ الله: أجمع المسلمون على أن الصحابة رأسُ الأولياء وصفوةُ الأتقياء، قدوةُ المؤمنين، وخير عبادِ الله بعدَ الأنبياءِ والمرسلين، شرفهم الله بمشاهدةِ خاتَم أنبيائه، وبذلِهم أنفسَهم وأموالهم في الجهاد في سبيل الله، حتى أوصلوا دينَ الإسلام إلى أطرافِ المعمورة، كيف لا، وقد تربّوا على يدَي النبي  صلى الله عليه وسلم؟!، فعن عبد الله بن مسعود قال: (إن الله نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد  خير قلوب العباد، فاصطفاه لنفسه، وابتعثه برسالته، ثم نظر في قلوب العبادِ بعد قلب محمد  فوجد قلوبَ أصحابه خير قلوب العباد، فجعلهم وزراءَ نبيه، يقاتلون على دينه).

وقال عز وجل: (وَٱلسَّـٰبِقُونَ ٱلأوَّلُونَ مِنَ ٱلْمُهَـٰجِرِينَ وَٱلأنْصَـٰرِ وَٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِىَ ٱللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّـٰتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا ٱلأنْهَـٰرُ خَـٰلِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذٰلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ) [التوبة: 100]، وفي الصحيحين عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله :(لا تسبوا أحدًا من أصحابي، فإن أحدَكم لو أنفق مثل أحدٍ ذهبًا ما أدرك مدَّ أحدهم ولا نصيفَه).

أيها الإخوة المؤمنون: إن الخير كل الخير في ما كان عليه أصحاب رسول الله، كانوا سباقين للناس في كل خير، فرضي الله عن الصحابة أجمعين، فقد نصَروا رسولَ الله في غزواته وحروبِه، وبايَعوا على بذلِ أنفسهم في سبيل الله، فنال الصحابة رضي الله عنهم شرف لقاء النبي ، فكان لهم النصيب الأوفى من محبته وتعظيمه، وحين سُئل علي بن أبي طالب رضي الله عنه: كيف كان حبُّكم لرسول الله؟ قال: كان والله أحب إلينا من أموالنا وأولادنا وآبائنا وأمّهاتنا ومن الماء البارد على الظمأ.

أيها المؤمنون: ونحن نحبّ أصحابَ رسول الله، ولا نفرّط في حبّ أحدٍ منهم، ولا نتبرّأ من أحدٍ منهم، ولا نذكرهم إلا بالخير، والتّرحّم على جميع أصحاب رسول الله أوّلِهم وآخرهم، وذكر محاسنِهم ونشر فضائلهم، ونكفّ عما شجر بين أصحاب رسول الله.

وأفضلُ الصّحابة الخلفاءُ الأربعة، ثمّ بقيّة العشرة المبشّرين بالجنة كما قال تعالى: (لاَ يَسْتَوِى مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ ٱلْفَتْحِ وَقَـٰتَلَ أُوْلَـئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مّنَ ٱلَّذِينَ أَنفَقُواْ مِن بَعْدُ وَقَـٰتَلُواْ وَكُلاً وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلْحُسْنَىٰ) [الحديد: 10].

خطبة الشيخ صلاح الجودر

جامع الخير بالبحرين

6 أغسطس 2021