في تصريحات سابقة لبعض القادة الإيرانيين ذكروا بأن النظام في طهران يهيمن على أربع عواصم عربية، بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء، ومن بينهم رئيس مركز الأبحاث في البرلمان الإيراني (علي رضا زاكاني) صاحب المقولة المشهورة بأن (إيران باتت تسيطر على 4 عواصم عربية)، وأضاف البعض قطاع غزة الذي يعلق صور القادة الإيرانيين، ويقيم لهم الاحتفالات!!
وتتفاوت الهيمنة الإيراني على الدول العربية الأربع، ولكن أبشعها وأقساها الهيمنة على القرار السياسي في لبنان، ففي الوقت الذي يحاول فيه الشعب اللبناني من لملمة جراحه، ومعالجة أوضاعه التي بلغت مرحلة الانهيار والشلل والفشل بسبب حزب الله اللبناني ظاهرًا والإيراني عقيدة وانتماء، تخرج بعض الأصوات لتزيد من آلامه وجراحه، وإقصائه عن محيطه العربي.
وفي الفترة الأخيرة توالت التصريحات المعادية، وغير الحكيمة، من أذيال النظام الإيراني في لبنان، فقد توالت التصريحات المعادية لدول الخليج والسعودية بهدف إبعاده عن أشقائه، ومنها تصريح شربل وهبة وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، والذي وصف دول الخليج بالبدو، وسرعان ما قدم استقالته، وكذلك وزير الإعلام جورج قرداحي الذي لم يستمر في عمله سوى 83 يومًا بسبب تصريح سمج في حق الدولة التي رعته حتى التخمة! فإذا بأمين عام مليشيات حزب الله اللبناني حسن نصرالله يخرج ليكيل السباب للشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية ويصفها بالإرهاب، ويصف المهاجرين اللبنانيين الذين يعيشون في دول الخليج بالرهائن!!
ففي الذكرى الثانية لمقتل الإرهابي قاسم سليماني قائد فيلق القدس الإيراني وقرينه أبومهدي المهندس، والذين تم تصفيتهما بصواريخ أمريكية، شن المدعو حسن نصرالله هجومًا سافرًا على الشقيقة الكبرى السعودية، وهذا ليس بغريب عليه بعد أن أفلس وأصبح بوقًا للنظام الإيراني في بيروت، المؤسف أن القيادة اللبنانية لا تزال تتعامل مع حزب الله وكأنه الطفل المدلل، وأنه من اليهالوا (مصطلح يطلق على الأطفال) وهو في حقيقته يلتهم الدولة ومكوناتها، فالرئيس اللبناني ميشيل عون أبدى امتعاضه من الموقف مع امنياته بالعلاقات الجيدة مع السعودية ودول الخليج، ورئيس الوزراء نجيب ميقاتي اكتفى بالقول بأن الهجوم على السعودية (لا يمثل موقف الحكومة اللبنانية والشريحة الأوسع من اللبنانيين)، (ولا يخدم المصلحة الوطنية اللبناني)، وقد صدق فهذا الخطاب يخدم المصلحة الإيرانية التوسعية بالمنطقة، وكأنه يقول ليس بيدي شيء!.
حزب الله الإرهابي يشن حربه على الدول العربية من عدة محاور، وينطلق بحربه من لبنان، فهو يرسل الأسلحة والمتفجرات والمسيرات إلى اليمن لقصف المدن السعودية، ويرسل ميلشياته إلى سوريا والعراق للقتل وسفك الدماء، ويرسل المخدرات وحبوب الكبتاغون عبر الفواكه إلى دول الخليج لتعكير الأمن والاستقرار بالمنطقة، فحزب الله أزعجه الدور السعودي لترتيب البيت الخليجي والعربي، فالعلاقات الخليجي بعد قمة العلا أصبحت في مسارها الصحيح، والأوضاع في العراق بدأت بالتحسن رغم وجود المليشيات الإيراني، وفي اليمن الشرعية استطاعت من تحرير الكثير من المدن والمحافظات وأخرها محافظة شبوة، وهناك حوار مباشر بين إيران والسعودية من بوابة الحكومة العراقية، كل ذلك أزعج حزب الله ومن يقف خلفه، لذا سارع المدعو حسن نصرالله إلى الشتائم وقذف التهم في ذكرى هلاك سليماني والمهندس!، وهو أسلوب المفلسين، والهروب إلى الأمام لإشغال الرأي العام اللبناني من معالجة مشاكله الداخلية.
ما يعانيه حزب الله في لبنان اليوم هو أن حلفاء الأمس في لبنان أصبحوا يضيقون بخطاباته وسياسته ذرعًا، خاصة التيار الوطني الحر (العوني المسيحي)، فقد بدأ هذا الحزب بتوجيه الانتقادات العلنية المباشرة لحزب الله، متهمًا إياه بالفساد والإرهاب، فلا يدع جبران باسيل رئيس الحزب مناسبة إلا ويوجه انتقاده المباشر لحزب الله.
وقد نعت بعض السياسيين حسن نصرالله باسم (أبي رغال العصر)، فأبي رغال هي الشخصية العربية التي توصف بالخيانة، فكل خائن ينعت بأبي رغال، وكان العرب قبل الإسلام يرجمون قبره بعد الحج حتى ظهور الإسلام، إذ إن أبي رغال هو الذي أرشد أبرهة الحبشي على مكان الكعبة المشرفة، وها هو اليوم الإرهابي حسن نصرالله يقوم بذات الدور للنظام الإيراني.
حسن نصرالله الذي تعلق بشعار المقاومة أنفضح اليوم، وما قصة المقاومة إلا كقميص عثمان، فقد حاول خلال السنوات الماضية من عزل لبنان عن محيطه العربي بدعوى المقاومة، كما حاول عزل المكون الشيعي اللبناني عن بقية الشعب بدعوى المقاومة، وهو الأمر الذي دفع الكثير من أبناء الشعب اللبناني من التصدي لحسن نصرالله، وأصبحوا مقاومة لمسرحية حسن نصر الله والمعروفة بـ(المقاومة)، وقد تحدث الشيخ عبدالسلام دندش أحد علماء بعلبك الهرمل من على منبره الديني قائلاً بأن (المقاومة اللبنانية مخطوفة من الخارج وتعمل لحساب إيران من قبل حزب الله، ويعيشون بدولارات أمريكا)، ويكفي جرائم حسن نصرالله وحزبه من قتل رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري، وتفجير مرفأ بيروت، ودخول الأراضي السورية لقتل السوريين، وتدريب الحوثيين في اليمن وتزويدهم بالصواريخ الإيرانية والمسيرات لقتل الشعب اليمني، ومحاولة زعزعة الأمن في سوريا والعراق ودول الخليج.
كما أن الدكتور سمير جعجع رئيس حزب القوات اللبنانية قال بأن ما يقوم به حسن نصرالله وحزب الله (ليست المصلحة الوطنية العليا وإنما هي مصلحة ولاية الفقيه)، وقد علل أسباب هجوم المدعو حسن نصرالله على السعودية هو أن (السعودية اليوم تشكل رأس حربة في وجها النفوذ الإيراني بالمنطقة، وأن لها دورًا رئيسيًا في عودة الاستقرار في بعض الدول العربية مثل العراق واليمن).
ما قاله الشيخ دندش والدكتور جعجع وغيرهم من الفعاليات المجتمعية اللبنانية هو نفس ما قاله العراقيين من أهل البصرة والنجف وكربلاء: إيران برع برع، العراق تبقى حرة!.
الكاتب صلاح الجودر
صحيفة الأيام البحرينية
الخميس 20 يناير 2022
الرابط:
https://www.alayam.com/Article/courts-article/418883/%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A-%D9%88%D8%A3%D8%AD%D9%84%D8%A7%D9%85-%D9%81%D8%A7%D8%B1%D8%B3.html
0 تعليقات