أعظم الزمن هي بركة عشـر ذي الحجة، الأيام المباركة، فمن فضائلها أن الله تعالى أقسم بها فقال: (وليالٍ عشـرٍ) [الفجر: 2]، ولا يقسم تعالى إلا بعظيم، وله أن يقسم من خلقه بما يشاء، ولا يجوز لخلقه أن يقسموا إلا به سبحانه.
ومن
فضائل العشر أن الله تعالى قرنها بأفضل الأوقات، قرنها بالفجر وبالشفع وبالوتر
وبالليل، وهي أفضل أوقات الصلاة، فهو أقرب إلى مراقبة الرب تعالى إذ لا يراه ولا يسمعه ولا يعلم بحاله إلا الله تعالى،
وهو أقرب إلى إجابة الدعاء.
ومن فضائل العشـر من ذي الحجة أن الله تعالى أكمل في اليوم التاسع من ذي الحجة (يوم عرفة) الدين، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (وخير ما قلت أنا والنبيون قبلي: لا إله إلا الله)، وفي الحديث: (خير الدعاء دعاء يوم عرفة)، وصومه تطوعًا يكفر ذنوب سنتين.
قال
حبر من أحبار اليهود لعمر رضي الله عنه: آية في كتابكم لو نزلت علينا - معشـر
اليهود - لاتخذنا ذلك اليوم الذي نزلت فيه عيدًا: (اليوم أكملتُ لكم دينكم وأتممتُ
عليكم نعمتي ورضيتُ لكم الإسلامَ دينا)[المائدة:3]، قال عمر رضي الله عنه: (إني أعلم متى نزلت،
وأين نزلت، نزلت يوم عرفة، في يوم جمعة).
ومن
فضائل العشـر أن العبادات تجتمع فيها ولا تجتمع في غيرها، فهي أيام الكمال، ففيها
الصلوات والصدقة والصوم والحج إلى البيت الحرام، وفيها الذكر والتلبية والدعاء.
ومن فضائلها أنها أفضل أيام السنة على الإطلاق، فهي أحب الأيام إلى الله تعالى، والعمل الصالح فيها أحب إلى الله تعالى، لقوله صلى الله عليه وسلم: (ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله تعالى من هذه الأيام) يعني أيام العشـر من ذي الحجة، قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟! قال: (ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشـيء).
أيها المسلمون، ومن فضائل العشـر من ذي الحجة أن فيها يوم النحر، وهو اليوم العاشر من ذي الحجة، كما في الحديث: (أفضل الأيام يوم النحر)، وفيه معظم أعمال النسك من رمي الجمرة وحلق الرأس وذبح الهدي والطواف والسعي وصلاة العيد واجتماع المسلمين في صلاة العيد.
وتأملوا
مع - إن شئتم - في سيرة أسلافكم وكيف أنهم كانوا يستعدون بداية الشهر بشـراء
الأضحية، وربطها عند البيت إظهاراً للسنة واقتداء بهدي النبي المصطفى، ويقوم صاحبها
بذبحها فإن لم يستطع أوكل غيره، ثم يقوم بتقطيعها وتوزيعها ويبقي شيئا لأهله.
هذا واستعدوا لعيدكم المعظم، بصلة الرحم، والصدقة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ودونكم فضائل العشـر من ذي الحجة فاغتنموها، واتقوا الله رحمكم الله، واتصفوا بصفات المؤمنين والمتقين وأولي الألباب وعباد الرحمن.
0 تعليقات